;

الصحة النفسية وعلاقتها بالذكاء الانفعالي

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 01 يونيو 2022
الصحة النفسية وعلاقتها بالذكاء الانفعالي

الصحة النفسية (بالإنجليزية: Mental Health) التي تعبر عن شعور الشخص وأحاسيسه، وعواطفه، وطريقة تعامله مع الانفعالات والتوتر التي تحدث في الحياة، حيث لا تقل الصحة النفسية أهمية عن الصحة الجسدية، وحدوث خلل في الصحة النفسية يؤثر على العديد من الجوانب التي يعد الذكاء الانفعالي من أبرزها.

يتمثل الذكاء الانفعالي بالقدرة على إدراك العواطف والتحكم بها، حيث تعد القدرة على ذلك من الأمور المهمة التي يحتاجها أي شخص، وضرورية كذلك لفهم مشاعره ومشاعر وعواطف الأشخاص الآخرين. [1]

الصحة النفسية وعلاقتها بالذكاء الانفعالي

من المهم الإشارة في البداية إلى وجود علاقة ما بين الصحة النفسية والذكاء الانفعالي، هذا من ناحية طبية، حيث أشار العديد من الباحثين إلى أنّ الأشخاص المصابين بأمراض الصحة النفسية تكون لديهم درجات الذكاء الانفعالي منخفضة، مقارنةً بالأشخاص غير المصابين.

كما لوحظ لدى بعض المصابين باضطرابات الصحة النفسية السلوكية، بما فيها الميل للتخريب، أو التدمير وإلحاق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات العامة وغيرها، بأنّه لديهم مشاكل في العواطف، والانفعالات والقدرة على التحكم بها.

بالإضافة إلى أنّ الذكاء الانفعالي يمثّل قدرة الشخص على إدراك المشاعر، واستخدام العواطف من أجل تسهيل طريقة التفكير، وتنظيم العواطف التي جميعها يكون فيها خلل عند الإصابة بأحد الأمراض النفسية التي أشار الأطباء إلى أنّ أبرزها، أي التي تؤثر بشكل كبير على الذكاء الانفعالي هي: الاكتئاب، واضطرابات الشخصية الحدية، والاضطرابات العاطفية، واضطراب التعاطي. [1]

فئات الذكاء الانفعالي

يعد الذكاء الانفعالي نوعاً من أنواع الذكاء، إذ يتكون الذكاء الانفعالي من العديد من الفئات التي تتضمن الآتي: [2]

التنظيم الذاتي

التنظيم الذاتي هو قدرة الشخص على فهم الذات وسيطرته على العواطف، إذ يكون ذلك من خلال اللجوء إلى العديد من التدابير التي تتحكم وتقلل من المشاعر السلبية بما فيها نوبات الغضب، أو الاكتئاب، أو القلق، كما تتضمن هذه التدابير ممارسة تمارين التأمل، والاسترخاء، بالإضافة إلى ممارسة رياضة المشي. [2]

المهارات الاجتماعية

يحتاج أي شخص كي ينجح في مجتمعه إلى تنمية وتطوير المهارات الاجتماعية والعملية، حيث يكون ذلك من خلال التدرب على فهم الآخرين والتعاطف والتفاوض معهم، من خلال التمتع ببعض المهارات بما فيها القدرة على تكوين شبكة كبيرة من العلاقات الاجتماعية، والقدرة على التأثير في الآخرين والبيئة المحيطة، بالإضافة إلى قدرة الشخص على حل الخلافات التي تواجهه، أو حل خلافات الآخرين. [2]

الوعي الذاتي

يتمثل الوعي الذاتي في قدرة الشخص على فهم العواطف والأحاسيس، كما يحتاج الوعي الذاتي إلى الضبط والتحكم بالمشاعر الحقيقية، ذلك لأنّ ضبط المشاعر يساعد الشخص في القدرة على إدارة العاطفة بشكل جيد، كما تتضمن عناصر الوعي الذاتي الثقة بالنفس، والوعي العاطفي، بالإضافة إلى إيمان الشخص بذاته وقدراته. [2]

تحفيز الذات

يحتاج الإنسان بشكل دائم إلى التحفيز سواءً التحفيز الذي يؤمنه الشخص لذاته، أو التحفيز من الآخرين، حيث يتمثل ذلك من خلال وضع أهداف واضحة والسعي والعمل من أجل تحقيقها، كما يمكن للشخص أن يتقن التحفيز من خلال تعلم التفكير بإيجابية حول الأهداف التي يضعها، والسعي المستمر، والإنجاز، والمبادرة والتفاؤل أيضاً. [2]

العوامل المؤثرة في الصحة النفسية

يمكن أن تصيب الأمراض النفسية جميع الأشخاص على اختلاف أعمارهم، أو أجناسهم، أو أعراقهم، كما أنّ الصحة النفسية ترتبط ارتباط وثيق بالضغوطات النفسية والإجهاد الذي يعيشه الشخص.

بالإضافة إلى أنّ الأمراض النفسية حسب ما تشير مصادر طبية من الحالات المرضية شائعة الحدوث، إذ إنها تصيب 1 من بين كل 5 أشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تكمن خطورة هذه الأمراض في كونها تؤثر على الفرد بالدرجة الأولى، وعلى المجتمع ككل.

كما أنّ الصحة النفسية تتأثر بالعديد من العوامل التي تتضمن الآتي: [3]

  1. الضغوطات الحياتية: بما فيها الضغوطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
  2. عدم تعدد المصادر المالية: يزيد وجود موارد مالية محدودة من الإصابة بالأمراض النفسية.
  3. العرق: يمكن أن يكون الانتماء إلى مجموعة عِرقية مهمشة أو مضطهدة، من خطر الإصابة ببعض الأمراض النفسية.
  4. الانعزال: أي عدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والحياتية.
  5. الظروف الحياتية: بما فيها مستوى التعليم، وجودة السكن، والظروف الاجتماعية والاقتصادية والعمل في المكان الذي يعيش فيه الشخص.
  6. جنس الشخص: حيث  يشار إلى أنّ النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض الصحة العقلية بمقدار 4 أضعاف مقارنة بالرجال.
  7. العمر: إذ تتأثر الصحة النفسية بشكل كبير كلما تقدم الشخص في العمر، أي أنّ الأشخاص كبار السن أكثر عرضة للإصابة بأمراض الصحة النفسية مقارنةً بالصغار.
  8. العوامل البيولوجية: التي يشير الأطباء إلى أنّ وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الصحة العقلية من الممكن أن يزيد من خطر الإصابة بها.
  9.  العوامل الجينية: قد يزيد وجود جين معين مرتبط بأمراض الصحة العقلية بما فيها الاكتئاب، أو انفصام الشخصية، من خطر الإصابة بالمرض النفسي، مع ذلك يمكن أن يكون الأشخاص الذين ليس لديهم جينات تزيد من احتمالية إصابتهم بأمراض الصحة العقلية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية.

علاجات المرض النفسي

من الضروري إجراء العديد من الفحوصات قبل البدء بالخطة العلاجية، ذلك لأنّ علاجات أمراض الصحة النفسية مختلفة ومتعددة، حيث تختلف بالاعتماد على نوع المرض النفسي، وحدته، والعلاج المناسب للشخص، كما أنّ الطبيب في كثير من الحالات قد يلجأ إلى وصف  أكثر من خيار علاجي واحد.

إذا كانت أعراض المرض النفسي خفيفة، فإنّ المصاب بحاجة فقط إلى طبيب مختص للتعامل مع هذه الأعراض، أمّا إذا كانت الأعراض شديدة فلا بد من وجود فريق متخصص لتلبية جميع احتياجات المصاب بالمرض النفسي، بما فيها الاحتياجات الاجتماعية، والطبية، وبجميع الأحوال تتضمن علاجات الأمراض النفسية الخيارات التالية: [4]

العلاجات الدوائية

يمكن أن يلجأ الطبيب إلى العلاجات الدوائية على الرغم من أنها لا تشفي المصاب بالمرض النفسي بشكل كامل، إلا أنها تحسن الأعراض بشكل كبير، عدا عن  أنها تزيد من فعالية العلاجات الأخرى، حيث تتضمن هذه العلاجات الآتي: [4]

  1. الأدوية المضادة للذهان: يلجأ الطبيب إلى الأدوية المضادة للذهان عندما يصاب الشخص بالاضطرابات الذهانية بما فيها الفصام، كما يمكن أن تستخدم هذه الأدوية لعلاج اضطراب ثنائي القطب، أو بالتزامن مع مضادات الاكتئاب.
  2. الأدوية المعززة للمزاج: غالباً ما يتم استخدام الأدوية المثبتة للمزاج لعلاج الاضطرابات ثنائية القطب، التي تسبب نوبات من الهوس والاكتئاب، كما يمكن أن يصف الطبيب هذه الأدوية لعلاج الاكتئاب.
  3. الأدوية المخففة للقلق: يستخدم الطبيب هذه الأدوية لعلاج بعض أمراض الصحة النفسية، بما فيها اضطرابات القلق، أو اضطرابات الهلع، حيث تساعد هذه الأدوية في التقليل من الهياج والأرق، والانفعال، كما أنّ الأدوية المضادة للقلق تساعد في التخفيف من الأعراض على المدى القصير لكنها قد تسبب الاعتمادية، لذا يتم وصفها لفترة قصيرة فقط.
  4. أدوية الاكتئاب: يلجأ الطبيب إلى الأدوية المضادة للاكتئاب للتخفيف من الكآبة أو القلق، بالإضافة إلى علاج حالات نفسية أخرى بما فيها الحزن، وصعوبة التركيز، وانخفاض الاهتمام بالأنشطة الحياتية أو فقدانه بشكل كامل، ومن الجدير بالذكر أنّ الأدوية المضادة للاكتئاب لا تسبب الإدمان، على عكس ما هو شائع بين الكثير من الأشخاص.

العلاجات النفسية

أو العلاج بالتحدث الذي يعد من العلاجات كثيرة الاستخدام لعلاج الأمراض النفسية، حيث يتم هذا الخيار العلاجي من خلال التحدث إلى أخصائي صحة نفسية عن الحالة الصحية، والمشاكل التي تواجه المصاب، ليتم تعليم المصاب مهارات للتعامل مع الضغوطات العصبية ومعالجتها، من خلال الاستعانة بالأفكار والمعارف التي يتم اكتسابها.

كما يوجد عدة طرق من  العلاج النفسي، إذ يمكن إكمال خطة العلاج النفسي خلال عدة أشهر، لكن في الكثير من الحالات تستدعي الخضوع للعلاج لفترات أطول من ذلك. [4]

اتباع نمط حياة صحي

يوصي الطبيب بالإضافة إلى العلاجات المذكورة أعلاه باتباع نمط حياة صحي من خلال القيام بالتدابير التالية: [4]

  • الحصول على فترات كافية من النوم.
  • تجنب تناول المشروبات الكحولية.
  • الابتعاد عن تعاطي المخدرات.
  • الالتزام التام بالعلاجات الموصوفة من قبل الطبيب.
  • الحفاظ على ممارسة الأنشطة البدنية وممارسة التمارين الرياضية باستمرار.
  • التفكير بإيجابية بجميع جوانب الحياة.

في الختام ينبغي الإشارة إلى أنّ الأمراض النفسية تحتاج إلى استشارة طبية بشكل فوري، ذلك لإجراء الفحوصات ومعرفة نوع المرض إن وجد، والخضوع للعلاجات المناسبة، ذلك لتجنب حدوث مضاعفات.