;

العلاقة بين الأمراض الجلدية والحالة النفسية

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 02 يونيو 2021 آخر تحديث: الأحد، 30 أبريل 2023

غالبًا ما ترتبط الأمراض النفسية والجلدية ارتباطًا وثيقًا. لكن ليست كل الأعراض الجلدية ناجمة عن اضطراب نفسي. فما هو تأثير الحالة النفسية على الجلد؟ وما هو تأثير الجلد على الحالة النفسية؟ وكيف يحدث هذا التأثير؟

يجب تسليط الضوء على تأثير العوامل النفسية والاجتماعية على الأمراض الجلدية متعددة العوامل، وما إذا كان أخذ هذه العوامل المحفزة في الاعتبار يمكن أن يحسن بشكلٍ كبير من جودة العلاج. بالإضافة إلى ذلك، يجب التركيز على تأثير التغيرات المرئية في الجلد على نوعية حياة المرضى وعلاقاتهم الاجتماعية. يتضح هذا من خلال أكثر أمراض الجلد الالتهابية المزمنة شيوعًا: الأكزيما والصدفية.

المشكلات العاطفية غير المعالجة لها تأثير سلبي على الجلد، خاصةً الأمراض الجلدية المزمنة مثل الأكزيما أو الصدفية، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الحالية. لكن الجلد المصاب أيضًا يمكن أن يصبح بدوره عبئًا نفسيًا ومحفزًا لحالة نفسية تتطور، وبهذا يدخل الشخص في حلقة مفرغة.

الجلد بطاقة الاتصال الخاصة بنا

يعكس الجلد الصحة النفسية وكذلك الحالة الجسدية بعدة طرق. الجلد باعتباره "مرآة الروح" هو بالفعل واجهة الجسد.

تكون بعض المشاعر وردود الفعل واضحة جدًا على الشرة، حيث يتحول لونها إلى اللون الأحمر عند الشعور بالخجل وتصبح شاحبة عند الخوف، وتتعرق عند الاستثارة، شعرك يقف بسبب الرعب أو نشعر بالقشعريرة عند البرد. نتعامل مع العالم الخارجي من خلال الجلد، فهو وسيلة اتصال مهمة.

يلعب جمال البشرة دورًا حاسمًا هنا. فالبشرة النقية هي تعبير عن الصحة العامة والجاذبية، لذا فإن الجلد المريض بشكل واضح يثير مشاعر الرفض وانعدام الأمن والاشمئزاز، ويثير الخوف من العدوى في البيئة الاجتماعية، وبالتالي في كثير من الأحيان الكراهية. لذلك يجب على المرضى المصابين بأمراض جلدية أن يتعاملوا ليس فقط مع العواقب المباشرة للمرض، ولكن أيضًا مع آثار ذلك على العلاقات الشخصية.

تؤثر التغيرات الجلدية الظاهرة في الغالب على شخصية الشخص المصاب وتؤثر على ثقة المريض بنفسه. يتفاعل المريض مع الوصم الحقيقي أو المتصور بالخوف من الاتصال والانسحاب الاجتماعي، ويخشى أن يقلل ذلك من قيمته من قبل الآخرين. غالبًا ما يعاني المصابون بأمراض الجلد المزمنة من توتر شديد. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ظهور اضطرابات نفسية. فأكثر من 30٪ من جميع المرضى في عيادات الأمراض الجلدية يظهرون علامات على اضطرابات نفسية.

الأمراض الجلدية النفسية

الأمراض الجلدية النفسية مثل التهاب الجلد العصبي أو الصدفية أو التهاب الجلد التماسي أو حب الشباب أو الأرتكاريا أو غيرها من الأمراض الأخرى التي لها أسباب نفسية، أو تكون نتيجة ظروف عاطفية اجتماعية (المدرسة - الأسرة - العمل) وهي ذلت تأثير كبير على المظهر أو شدة المرض أو أعراضها.

مسار الأعراض الجلدية

يُنظر إلى الأمراض الجلدية بشكلٍ عام من خلال أعراضها الظاهرية. بالإضافة إلى الأعراض النفسية وتأثيرها على الحالة الاجتماعية، فالأمراض الجلدية تتضمن أيضًا تأثيرات على العلاقة بين الأشخاص المصابين بالأمراض الجلدية وبيئتهم الاجتماعية.

وجهات نظر نفسية جسدية

يمكن تصنيف الأمراض الجلدية ليس فقط وفقًا لتأثيراتها الجلدية فقط، بل أيضًا وفقًا للجوانب النفسية الجسدية. يمكن تمييز ثلاث مجموعات رئيسية من الأمراض الجلدية النفسية الجسدية:

الأمراض الجلدية التي يمكن إرجاعها إلى الاضطرابات النفسية: مثل هوس نتف الشعر والتهاب الجلد الوهمي واضطرابات الشكل الجسدي واضطرابات تشوه الجسم (متلازمة التشوه) وغيرها. التركيز الأساسي هنا يجب أن ينصب على الجوانب النفسية، أو الجوانب الجسدية فهي مسألة ثانوية.

الأمراض الجلدية ذات الأساس متعدد العوامل: والتي يخضع مسارها للتأثيرات النفسية مثل الصدفية أو التهاب الجلد العصبي (الأكزيما) أو حب الشباب أو الأشكال المزمنة من الشرى أو الحكة البسيطة أو فرط التعرق وغيرها.

الاضطرابات النفسية الناتجة عن الأمراض الجلدية الشديدة أو المشوهة (الأمراض النفسية الجسدية): تسبب هذه الأمراض الجلدية الاكتئاب واضطراب القلق. التركيز الأساسي هنا هو المرض الجلدي والاضطرابات النفسية تكون ثانوية. تحدث مثل هذه الاضطرابات الجسدية والنفسية بشكل خاص مع الأمراض الجلدية المزمنة في مناطق مرئية (الرأس واليدين وما إلى ذلك) وبالتالي فهي مرتبطة بنقص احترام الذات.

العوامل النفسية والتهاب الجلد التأتبي

التهاب الجلد التأتبي أو ما يعرف بالأكزيما هو مرض جلدي التهابي مزمن متعدد العوامل يحدث بشكل أساسي في مرحلة الطفولة. يعتبر نموذجًا للتفاعلات النفسية الجسدية، وهو من أكثر الأمراض التي تم بحثها علميًا. بالإضافة إلى العديد من المحفزات الأخرى (عدم تحمل الطعام والملابس ومنتجات العناية التي تحتوي على مسببات الحساسية وما إلى ذلك)، يبدو أن الاختلالات المناعية والعوامل النفسية مثل التوتر تلعب دورًا مهمًا في حدوثها. تشير الدراسات على مرضى التهاب الجلد العصبي إلى وجود خلل في قشرة الغدة النخامية والغدة الكظرية والجهاز العصبي الودي. عند الأطفال المصابين بالتهاب الجلد التأتبي، يلاحظ انخفاض في إفراز الكورتيزول كاستجابة للإجهاد النفسي والاجتماعي والضغط. يمكن أن يكون نقص إفراز الكورتيزول تفسيراً محتملاً لتفاقم أعراض الجلد المرتبطة بالتوتر.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب الأحداث المتغيرة للحياة مثل الانتقال من المنزل إلى روضة الأطفال أو المدرسة أو النزاعات الأسرية أو الضغط في العمل بحكة أو تقليل عتبة الحكة.

الضغط النفسي

يمكن للعوامل التالية أن تضعف أو تزيد من الضغط النفسي والاجتماعي المرتبط بأمراض الجلد:

العوامل المرتبطة بالمرض

  • نوع التغيرات الجلدية
  • رؤية التغيرات الجلدية
  • خيارات العلاج

العوامل المرتبطة بالحالة النفسية

  • الاستقرار العاطفي أو عدم الاستقرار
  • مقاومة الضغط
  • مهارات التعامل مع المرض
  • المشاعر المرتبطة بالمرض
  • احترام الذات
  • شكل الجسم

العوامل الاجتماعية

  • استقرار العلاقات الشخصية (شراكة، صداقة)
  • الدعم الاجتماعي
  • العلاقة بين الطبيب والمريض

العامل الأكثر إرهاقًا في التهاب الجلد التأتبي هو بلا شك الحكة المؤلمة، والتي تسبب اضطراب النوم لحوالي 60٪ من المصابين. تؤدي قلة النوم بدورها إلى الإرهاق، وغالبًا ما تؤدي أيضًا إلى وضعف التركيز ونوبات الغضب أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يؤدي مظهر الجلد المتغير بشكل واضح إلى ضغط نفسي كبير على المريض. فيشعر بالقيود في حياته ويميل إلى الاكتئاب أو الانسحاب من المجتمع. العديد من الأطفال والمراهقين المصابين بأمراض جلدية مزمنة تتأثر حياتهم الاجتماعية (وقد يعانون من نظرات الأخرين والمضايقة والرفض).

بشكل عام، عادة ما يكون الشعور الضغط في المدرسة أكثر خطورة من الأمراض الجلدية نفسها. هنا يُطلب من الآباء إعطاء أطفالهم الثقة اللازمة بالنفس أو إجراء مناقشات توضيحية مع مقدمي الرعاية أو غيرهم من البالغين.

التعامل مع مرض التهاب الجلد التأتبي

لكسر الحلقة المفرغة للتوتر والأكزيما الجلدية، يمكن أن تكون طرق إدارة التوتر المختلفة مفيدة:

  • تمكّن تقنيات الاسترخاء (التدريب الذاتي، اليوغا، الاسترخاء) من التعامل بسهولة أكبر مع التوتر.
  • يؤدي التدليك في مرحلة الطفولة إلى إرخاء العضلات وتخفيف التوتر.
  • يجب أن يتخذ الشخص خطوات لتحسين الحالة المزاجية، مثل التجول في الحديقة والنوم الكافي.
  • يجب أن ينتهي اليوم بهدوء. ننصح بطقوس ثابتة للنوم (مثل الاستماع للموسيقى أو القراءة)، مما يصرف الانتباه ويمنحك الشعور بالراحة.
  • يجب أن يظل الشخص هادئ قدر الإمكان.

العلاقة بين الآباء وأبنائهم لها أهمية كبيرة. يجب أن يتسم بالصدق والثقة. يجب على الآباء بالتأكيد تجنب الحماية المفرطة وبدلاً من ذلك تشجيع الطفل على التعامل مع المشاكل النفسية والجلدية، يجب عليهم تشجيع الطفل على فهم أن التهاب الجلد التأتبي ليس عيبًا شخصيًا وبالتالي لا يتعين عليه الاختباء من الأطفال الآخرين. يجب أن يفهم الطفل أن المرض الجلدي هو جزء من الحياة اليومية لملايين البشر، العلاج الجيد للإكزيما التأتبية يتضمن دائمًا دعم الوالدين، وخاصة الأمهات.

العلاج الشامل

أثناء العلاج، يجب أن يشعر المريض أنه سيكون قادرًا على التعامل مع المرض، من أجل ضمان عدم شعور المصابين بالعجز، يجب تعليمهم التدابير السلوكية الصحيحة.

بالإضافة إلى العلاج الجلدي، من المهم تجنب الحكة والخدش. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي تدخلات العلاج النفسي مثل إدارة التوتر وطرق الاسترخاء إلى تحسن ملحوظ في أعراض المرض الجلدي.

التعامل مع الأمراض الجلدية النفسية والجسدية المصاحبة للتوتر

بالمقارنة مع أولئك الذين يتمتعون ببشرة صحية، غالبًا ما يكون لمرضى التهاب الجلد التأتبي والصدفية سمات شخصية مثل القلق والتعرض للضغط الاجتماعي والمهني، وانخفاض تقدير الذات، ومع ذلك، لا يعاني جميع المصابين من نفس القدر من الضغط، هناك اختلافات واضحة في تقييم وإدارة المرض والضغوط النفسية المرتبطة بالأمراض الجلدية المزمنة. هنا تلعب مهارات إدارة التوتر الشخصية دورًا حاسمًا، بالإضافة إلى طريقة تعامل الشخص المصاب وكذلك أسرته وأصدقائه مع المرض.

أظهرت العديد من الدراسات أن التشخيص الطبي ليس أساسيًا في تحديد كيفية التعامل بقدر أهمية تشخيص الحالة النفسية وتحديد القيود الوظيفية التي تثقل كاهل الحياة اليومية للشخص المريض وعائلته.

المرضى الذين تكون تتأثر بشرتهم على الوجه أو اليدين يشعرون بوصمة اجتماعية أكبر وضغط نفسي أكبر.

النتيجة

لا يمكن اختزال الأمراض الجلدية المزمنة باعتبارها مجرد مشكلات طبية، لأن الحالة النفسية والاجتماعية تؤثر في كثير من الأحيان وبشكل مباشر على العديد من الأشخاص المصابين بأمراض جلدية. فهي تؤثر على مسار المرض بعدة طرق، وبالتالي تمثل تحديًا خاصًا للعلاج. لذلك، يجب أن تؤخذ الجوانب النفسية في الاعتبار أثناء العلاج من أجل إدارة المرض بشكل فعال، لا يحتاج المرضى فقط إلى العلاج الجلدي، ولكن أيضًا يحتاجون إلى المشورة والرعاية النفسية، بالإضافة إلى الدعم والقبول من قبل البيئة الاجتماعية. كلما زاد اندماج المرضى في بيئتهم، كان علاج الأمراض الجلدية أكثر فعالية.

  1. "التأثير النفسي الاجتماعي للأمراض الجلدية الشائعة" ، المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة الأمريكية
  2. "العلاقة بين حالة البشرة والحالة النفسية" ، الجمعية الأمريكية لعلم النفس
تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!