;

الاكتئاب وطرق علاجه المختلفة ومخاطر إهماله

  • تاريخ النشر: الأحد، 12 يناير 2020 آخر تحديث: الأحد، 16 يوليو 2023
الاكتئاب وطرق علاجه المختلفة ومخاطر إهماله

يخلط الكثير من الناس بين الاكتئاب كمرض وتقلب المزاج وانخفاض الطاقة، فنجد أن وصف الكآبة يُطلق على بعض الحالات النفسية العابرة والتي لا تمثل أي نوع من الاكتئاب رغم وجود بعض الأعراض المشتركة، تعرف في هذا المقال على الاكتئاب وكيفية تشخيصه وطرق علاجه وأكثر.

المشكلة الكبرى في وجود الاكتئاب هي عدم معرفة الشخص به أو عدم قدرته على تمييز تلك الأعراض، وهو ما يسبب إهمال المرض وتفاقم الحالة، ومن هنا جاءت الحاجة للتوعية به من كافة الجوانب ومعرفة كل الأنواع والحالات والمسببات والأعراض التي تحيط بمرض الاكتئاب الخطير، حرصًا منا على صحة أفراد عائلاتنا والأشخاص المهمين في حياتنا.

مرض الاكتئاب

مرض الاكتئاب اضطراب في المزاج يؤدي إلى الشعور بالحزن وعدم الاهتمام، إذ يؤثر على سلوكيات الشخص وطريقة تفكيره؛ مما يؤدي إلى حدوث مجموعة من المشاكل الجسدية والعاطفية لديك. [1]

يمكن أن يسبب هذا المرض لك شعوراً بأن الحياة غير جديرة بأن تُعاش، بالإضافة إلى خمول وكسل وعدم رغبة بأداء الأنشطة اليومية الاعتيادية، كما أنه ليس حالة مزاجية سيئة عابرة فقط، كما أن الخروج منه ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب الأمر خضوعك لفترة علاجية طويلة، لكن هذا الأمر لا يعني الشعور باليأس، فمعظم الحالات تتحسن عند اتباع العلاج النفسي إلى جانب الأدوية. [1] [2] [3]

علاج الاكتئاب

يحتاج علاج الاكتئاب إلى الخضوع للعلاج النفسي إلى جانب الأدوية للتخلص من الاكتئاب، فهذه الأدوية تعتبر فعالة في تخفيف الأعراض مع ضرورة الحصول على جلسات رعاية نفسية من طبيب مختص، ولكن قد تطلب بعض حالات الاكتئاب البقاء في المستشفى إلى أن تتحسن الأعراض: [1] [2] [3]

علاج الاكتئاب بالأدوية

تتوفر العديد من أنواع الأدوية المعروفة باسم مضادات الاكتئاب ولكن تختلف هذه الأنواع عن بعضها بسبب الفعالية والآثار الجانبية التي تنتج عنها، وقد وقد تعرف بعض الأدوية على أنها افضل دواء للاكتئاب بدون آثار جانبية وهي أدوية تعرف بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية والتي تعد الأكثر أمناً لانخفاض الآثار الجانبية لها مقارنة مع غيرها من مضادات الاكتئاب. [2]

بينما تأتي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات كنوع فعال للغاية ولكنه مصحوب بآثار جانبية أكثر شدة من باقي المضادات؛ لذا يُعطى هذا النوع للمرضى الذين لم تتحسن حالتهم على النوع الأول. [2]

كما توجد أنواع أخرى تعتبر غير شائعة وتوصف لفئات معينة، والجدير بالذكر أن علاج الاكتئاب قد يتطلب الجمع بين نوعين من مضادات الاكتئاب لتعزيز فعاليتها، وبالطبع يتم هذا الأمر بقرار من الطبيب. [2]

علاج الاكتئاب النفسي

يعتبر العلاج النفسي مرحلة مهمة في رحلة العلاج، ومن الممكن أن يعتمد على الحوار أو التركيز على علاقة المريض بالآخرين، ويمكن أن يعتمد الطبيب على طريقة العلاج بالسلوك المعرفي، وهذه الطرق جميعها تعتبر فعالة في تلك الحالات، ولكن الأمر لا يقتصر عليها فهناك أنواع أخرى يمكن أن يخضعك الطبيب لها، وتشمل فوائد العلاج النفسي ما يلي: [2]

  • التكيّف مع الأزمات والصعوبات التي يمكن أن تحدث للمريض في هذه الفترة.
  • تحديد الأفكار والسلوكيات السلبية والعمل على استبدالها بأخرى إيجابية.
  • العمل على إيجاد أفضل طرق ممكنة لحل المشكلات.
  • تحديد المشكلات التي يمكن أن تعزز المرض وتزيده.
  • اكتشاف العلاقات الجيدة وتطوير طرق التفاعل مع الآخرين.
  • استعادة مشاعر الراحة والسيطرة على حياتكِ وتخفيف مشاعر الحزن واليأس.
  • تعلم كيفية صياغة أهداف واقعية لتحقيقها.
  • تنمية قدرات المريض على التحمل وتقبل الواقع بسلبياته.

مضاعفات إهمال الاكتئاب

ينتج عن إهمال الاكتئاب أو ما يسمى إهمال علاجه العديد من المضاعفات وهي: [1] [2]

  • يسبب زيادة الوزن أو السمنة والتي تسبب بدورها الإصابة بأمراض خطيرة كأمراض القلب أو السكري.
  • الشعور بالآلام البدنية.
  • الإدمان على الكحول أو المخدرات.
  • القلق والخوف والعزلة، وإصابته بما يعرف برهاب العلاقات الاجتماعية.
  • خلق مشاكل أسرية أو مشاكل في العمل أو المدرسة.
  • الشعور بالرغبة في الانتحار أو محاولات فعله.
  • تشويه الذات مثل جرح النفس.
  • الوفاة المبكرة نتيجة الحالات الطبية التي تصيب الجسم.

أسباب الاكتئاب

تعد اسباب الاكتئاب غير مفهومة أو محددة طبياً، فهناك الكثير من الأسباب المحتملة لحدوثه، كما أن بعض الحالات تنتج من اندماج عدة احتمالات مع بعضها البعض، إذ تشمل العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابه به التالي: [1]

  • العوامل الوراثية.
  • عوامل بيئية.
  • عوامل نفسية واجتماعية.
  • وجود بعض التغييرات الحيوية في مستويات النواقل العصبية في الجسم.

أنواع الاكتئاب

عندما تشعر بالحزن العميق فإن هذه المشاعر مهما بلغت قوتها يجب أن تتلاشى في غضون أسبوعين، وهذا في الحالات الطبيعية، أما في حال استمرت لفترات طويلة فعندها تسمى اكتئاباً، ولهذا المرض عدة أنواع تعتبر هي الأكثر شيوعًا بين الناس، وتشمل التالي: [1] [2] [3]

الاكتئاب الحاد أو الشديد

يعرف هذا النوع بالشديد أو الاكتئاب أحادي القطب أو التقليدي (بالإنجليزية: Major depression) وهو من الأنواع الشائعة التي يعاني فيها المرء من أعراض تستمر طوال اليوم، فهو غير مرتبط بأحداث معينة خلال اليوم أو بما يحيط بك. [2]  

يسبب هذا النوع شعورك باليأس والحزن وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية والآلام غير المبررة، كما يفقد الاهتمام بأي نوع من المتعة والأنشطة الحياتية، بالإضافة إلى القلق المستمر وقلة التركيز وأفكار الموت والانتحار. [2]

الاكتئاب المستمر

الاكتئاب المستمر (بالإنجليزية: Persistent depression) هو الذي يستمر لعامين أو أكثر وهو ما يعرف بالاكتئاب المزمن أيضًا، قد لا يؤثر عليك هذا النوع كما يؤثر النوع الشديد إلا  أنه يسبب مجموعة من الأعراض عند الإصابة به، وتشمل اليأس والحزن العميق وانخفاض الطاقة والرغبة بأداء الأنشطة، كما تنخفض معه الشهية وتقل جودة النوم والتركيز، بالإضافة إلى انعدام الشعور بالمتعة والسعادة والانعزال عن الناس. [2]

اضطراب ثنائي القطب

يعرف هذا النوع أيضًا بهوس الاكتئاب (بالإنجليزية: Manic depression) ويتكون من فترات هوس يشعر المريض فيها بسعادة هائلة بالتناوب مع نوبات الاكتئاب، وهنا تكون أعراض النوبة مشابهة لحالة الاكتئاب الشديد. [2]

الاكتئاب الذهاني

ستعاني في هذا النوع (بالإنجليزية: Depressive psychosis) من أعراض الاكتئاب الشديد بالإضافة إلى نوبات من الهلاوس السمعية أو البصرية والأوهام، وهي ما تعرف بحالة الذهان إذ تصيبك أيضًا ببعض المشاكل في الجلوس وتباطؤ في حركات الجسم. [2]

اكتئاب ما بعد الولادة

ولادة طفل جديد تثير الكثير من المشاعر ما بين الحب والفرح والخوف والقلق، إلا أنها يمكن أن تسبب شيئًا غير متوقع وهو الاكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Perinatal depression)، ورغم انتشار هذا النوع إلا أن المعلومات حوله قليلة لدى النساء، وتشمل هذه الحالة نوبات من القلق وتقلب المزاج والبكاء وصعوبة النوم بالإضافة إلى أعراض الاكتئاب الشديد. [2]

يمكن أن يصيب هذا النوع الأم في الأيام الأولى بعد الولادة والذي قد يمتد لأسابيع طويلة، ومن الضروري الإشارة بأن هذه الحالة لا تشير لوجود ضعف في الشخصية أو خلل لدى المرأة؛ لأن هذا النوع يعتبر واحد من مضاعفات الولادة. [2]

اكتئاب ما قبل الطمث

تعاني بعض النساء في هذه الحالة من أعراض نفسية وجسدية مشابهة لأعراض متلازمة ما قبل الحيض، والتي يحدث فيها تشنجات وتقلبات مزاجية وإرهاق وإدمان على تناول الطعام. [2]

لكن في حالة الإصابة باكتئاب ما قبل الطمث (بالإنجليزية: Premenstrual dysphoric disorder) تؤثر هذه الأعراض على نوعية الحياة لا سيما الأنشطة اليومية أو الدراسة أو القدرة على العمل أو العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى وجود مشاعر غضب واهتياج وقلق وتوتر ودخول في صراعات مع الآخرين، ويعتقد بأن هذا النوع مرتبط بالتغييرات الهرمونية والتي تبدأ بعد الإباضة وتنتهي مع انتهاء الدورة الشهرية. [2]

الاكتئاب الموسمي

هو الاكتئاب المرتبط بمواسم معينة (بالإنجليزية: Seasonal depression) وغالبًا ما يصاب به الناس في فصل الشتاء، وفي معظم الحالات تبدأ الأعراض في فصل الخريف والتي تتمثل بالعزلة والحاجة المستمرة للنوم وزيادة الوزن، إلى جانب مشاعر اليأس والحزن، وتبدأ الأعراض بالتحسن والزوال مع بداية فصل الربيع بسبب استجابة الجسم لتوفر الضوء الطبيعي بشكل أكبر خلال اليوم. [2]

الاكتئاب الظرفي

نفهم من اسم الحالة بأن هذا الاكتئاب مرتبط بظروف وأحداث ومواقف محددة (بالإنجليزية: Situational Depression)، مثل وجود حالة وفاة في الأسرة أو الطلاق أو الإصابة بمرض خطير مهدد للحياة، وبالرغم من أنه من الطبيعي الشعور بالحزن والبكاء والعزلة والقلق في مثل هذه الحالات، إلا أن الأمر يختلف عندما يتحول لاكتئاب بحيث تصبح الأعراض أكثر كثافة وتؤثر على حياتك اليومية وقدرتك على القيام بمهامك الأساسية. [2]

الاكتئاب غير التقليدي

وهو اكتئاب غير شائع (بالإنجليزية: Atypical Depression) ويختلف هذا الاكتئاب عن النوع الكلاسيكي أو التقليدي بأنه يستجيب للأحداث الإيجابية في الحياة ويمكنها أن تحسن من حالته. [2]

الوقاية من الاكتئاب

مع انتشار مرض الاكتئاب في هذا العصر، أصبحنا أكثر عرضة للإصابة والاستسلام له؛ لذا من الضروري أن نعرف أكثر عن هذا المرض وعن طرق الوقاية منه: [1] [2] [3]

  1. تعزيز الثقة بالنفس: إن تقوية الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرارات هي وسيلة دفاعية نفسية ضد الإحباط والسلبيات التي يمكن أن يمدك المحيطين بها، كما ينصح بتعزيز ثقة أطفالك بأنفسهم منذ الصغر، كما يجب أن تبني لهم استقلاليتهم واحترامهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات.
  2. توثيق العلاقات الاجتماعية: سواء كانت علاقات عائلية أو مع الأصدقاء، فإن وجود روابط متينة في حياة المريض يشكل مساندة كبيرة له، تخفف من آثار الفقد ومشاعر الوحدة والخوف.
  3. الترويح عن النفس: يجب أن تكون النشاطات الممتعة كالرحلات أو التسوق او لقاء الأصدقاء والتنزه واحدة من الأشياء الأساسية في حياتك، فهي تساعدك على تخطي المشكلات والضغوط اليومية.
  4. ممارسة الرياضة: تلعب الرياضة دورًا كبيرًا في الصحة النفسية، فهي ليست مجرد وسيلة للتنحيف أو بناء العضلات وحسب، إذ تعتبر هذه النظرة ضيقة جدًا لأهمية النشاط البدني، والمؤسف أن معظم الناس تعتقد بأنها مجرد كماليات، فالرياضة أساسية للحياة الصحية النفسية قبل الجسدية؛ إذ تساعد في تفريغ التوتر والإجهاد كما أنها تخفف من الضغط العصبي، وتساعد على النوم جيدًا.
  5. الأشخاص الإيجابيون: جميعنا بحاجة لدعم ومساندة نفسية، ولكن لا يكفي فقط وجود الأهل أو الأصدقاء الذين يمنحونك الأمان والمتعة والقوة، لأنك بحاجة إلى أشخاص إيجابيين وهنا لا نقصد فقط شخص متفائل في الحياة، بل بإحاطة نفسك بعدد من الأشخاص الذين يمكنك الاستفادة من خبراتهم ونجاحاتهم بالحياة، كما أنهم يساهمون بتوسيع مداركك حول المشكلات والعقبات التي يواجهها أي شخص في طريقه لتحقيق أهدافه، من جانب سيكون لهم تأثير محفز للاستمرار وتخطي المعيقات، ومن جهة أخرى ستتضح الصورة حول مصاعب الحياة الواقعية، كي لا يصاب المرء بالإحباط والاكتئاب نتيجة اصطدامه بالواقع.
  6. التعلم: القراءة والتعلم من الجوانب المهمة جدًا في تنمية الذات وتحسين المستوى المعرفي والقدرة على بناء علاقات جيدة، وزيادة الثقة بالنفس وتحديد أهداف مناسبة في الحياة، سيجعلك التعلم دائم التطور والتميز والإقبال على الحياة.

التعامل مع مريض الاكتئاب

إن كان لديك قريب يعاني من مرض الاكتئاب فمن الضروري معرفة تصرفات مريض الاكتئاب وطرق التعامل معه؛ لأن أسرة المريض تساهم بشكل أو بآخر في تحسين العلاج والاستجابة، فيما يلي أهم الطرق الواجب اتباعها أثناء التعامل مع مريض الاكتئاب: [2]  

  • الاستماع له: بالرغم من صعوبة هذه الطريقة لأنك ستضطر إلى سماع نفس الكلام عدة مرات، إلا أن مساعدة المريض تستحق بعض العناء.
  • قضاء بعض الوقت معه: وجودك مع المريض سيحفزه على التحدث والتعبير عما يشعر به، كما أن ذلك يمنحه الشعور بالراحة والأمان أكثر.
  • التواصل مع الطبيب النفسي المعالج: يجب متابعة حالة المريض من خلال الطبيب واتباع تعليماته ونصائحه حول كيفية التعامل معه.
  • الاهتمام به: ومنحه العطف والحب.
  • تجنب توكيل الأعمال الروتينية له: لأن ذلك سيشعره بالعجز.
  • تجنب توبيخه: وإلقاء اللوم عليه وأنه السبب في تدهور حالته الصحية.
  • الاهتمام بنوعية طعامه: والحرص على تناوله كمية كافية منه.
  • محاولة إيجاد حل للمشكلات التي يعاني منها: والوقوف بجانبه.

الاكتئاب في زمننا هذا يسمى بمرض العصر، وهو من الحالات المرهقة للروح والجسد؛ لأنه يؤثر على تفكيرك ويمكن أن يوقف حياتك اليومية، ويفقدك الرغبة في الحياة، وهذه الحالة رغم أن الكثير يعاني منها في المصائب والظروف الصعبة إلا أن الاكتئاب يستمر عدة أسابيع طويلة، ولا يتخلص منه إلا ضمن برنامج علاجي نفسي وطبي.