;

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بالأسباب والعلاج

  • تاريخ النشر: الجمعة، 10 سبتمبر 2021
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بالأسباب والعلاج

قد نتعرض جميعاً لصدمات مختلفة، وقد نستمر على هذه الحال لأيام، ولكن ماذا لو استمرت الصدمة لأكثر من شهر؟ هل يكون الشخص مصاب باضطراب ما بعد الصدمة؟ هذا ما سنتعرف عليه بالتفصيل في هذا المقال.

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

يعرف اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بأنه اضطراب نفسي قد يحدث للأشخاص الذين عانوا أو شهدوا حدثاً مؤلماً مثل كارثة طبيعية أو حادث خطير أو عمل إرهابي أو حرب أو اغتصاب أو الذين تعرضوا للتهديد بالقتل أو العنف الجنسي أو الإصابة الخطيرة [1].

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة

يمكن أن تصاب باضطراب ما بعد الصدمة عندما تمرّ بحدث سيئ أو صعب أو تكون شاهداً عليه أو تسمع عنه؛ يتضمن موتاً محققاً أو تتعرض حياتك للخطر أو إصابة خطيرة أو اعتداءً جنسياً.

إلا أن الأطباء غير متأكدين من سبب إصابة بعض الناس باضطراب ما بعد الصدمة، ولكن من المحتمل أن يكون اضطراب ما بعد الصدمة ناتجاً عن مزيج معقد من [2]:

  • التجارب المجهدة: مقدار وشدة الصدمات التي مررت بها في حياتك.
  • مخاطر الصحة العقلية الموروثة: مثل وجود تاريخ عائلي للقلق والاكتئاب.
  • السمات الموروثة لشخصيتك: غالباً ما تنعكس من خلال مزاجك وحالتك الشعورية.
  • كيفية الاستجابة للمشاعر الصعبة والحوادث السيئة: الطريقة التي ينظم بها دماغك المواد الكيميائية والهرمونات التي يطلقها جسمك استجابة للتوتر.

تشخيص وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة

تنقسم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى أربع فئات، يمكن أن تختلف الأعراض في شدتها من شخصٍ لآخر [1]:

  • الأفكار الدخيلة: مثل الذكريات المتكررة واللاإرادية؛ أحلام مؤلمة، قد تكون ذكريات الماضي حية لدرجة أن الناس يشعرون أنهم يعيدون عيش التجربة الصادمة أو يرونها أمام أعينهم.
  • التجنب: قد يشمل تجنب التذكير بالحدث الصادم تجنب الأشخاص والأماكن والأنشطة والأشياء والمواقف التي قد تثير ذكريات مؤلمة. 
  • التغييرات في الإدراك والمزاج: عدم القدرة على تذكر جوانب مهمة من الأحداث الصادمة، والمعاناة من الأفكار والمشاعر السلبية التي تؤدي إلى معتقدات مستمرة ومشوهة عن النفس أو الآخرين (على سبيل المثال، "أنا سيء"، "لا يمكن الوثوق بأحد"، بالإضافة لما يرافق ذلك من:
  1. والأفكار المشوهة حول سبب أو عواقب الحدث الذي يؤدي إلى إلقاء اللوم على الذات أو غيرها بشكل خاطئ؛ الخوف المستمر أو الرعب أو الغضب أو الذنب أو العار.
  2. والاهتمام الأقل بكثير بالأنشطة الممتعة.
  3. الشعور بالانفصال أو الاغتراب عن الآخرين.
  4. عدم القدرة على التعبير عن المشاعر الإيجابية (لا يعرف السعادة أو الرضا).
  • التغييرات في الاستثارة ورد الفعل: قد تشمل التصرف بتهور، كذلك الانتباه المفرط، أو مشاكل في التركيز أو النوم.

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة

إذا تكررت أعراض ما بعد الصدمة واستمرت لمدة شهر فيجب مراجعة الطبيب لتشخيص فيما إذا كنت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، حيث من المرجح أن يقوم طبيبك بما يلي [3]:

  1. فحص جسدي: للتحقق من وجود مشاكل طبية قد تكون سبباً للأعراض التي تعاني منها.
  2. تقييم نفسي: يتضمن مناقشة العلامات والأعراض التي تعاني منها والحدث أو الأحداث التي أدت إليها.

اضطراب ما بعد الصدمة العاطفية

وفقاً لمقياس تقييم التعديل الاجتماعي (SRRS)، الذي يقيس العلاقة بين أحداث الحياة والتوتر وقابلية الإصابة بالمرض، يعتبر الانفصال والطلاق من أكثر ضغوطات الحياة، أما خدمة الصحة الوطنية (NHS)، فقد اعتبرت أن اضطراب ما بعد الصدمة لا ينطبق عادةً على ظروف مثل الطلاق والانفصال، ويمكن أن تظهر على بعض الأشخاص الذين تعرضوا للانفصال أعراض مثل تذكر الأحداث السابقة مع الأشخاص الذين انفصلوا عنهم ولكن لا تصل إلى درجة الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، بالمقابل قد يكون للانفصال آثاراً مدمرة للشخص، لذا من المهم أن يكون من يعاني الانفصال محاطاً بشبكة دعم اجتماعي قوية من العائلة والأصدقاء، وفي الحالات الشديدة يجب استشارة معالج نفسي لمساعدته على تجاوز محنته [4].

اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

يعاني الأطفال من اضطراب ما بعد الصدمة لأسباب كثيرة منها، سوء المعاملة الجسدية والنفسية أو شاهدة عنف أو جريمة أمام عينيه، والأعراض التالية تدل إذا كان الطفل يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة [5]:

  • الخوف من الانفصال عن والديه.
  • فقدان المهارات المكتسبة سابقاً (مثل التدريب على استخدام المرحاض).
  • مشاكل النوم والكوابيس.
  • الرهاب الجديد والقلق الذي يبدو غير مرتبط بالصدمة (مثل الخوف من الوحوش).
  • تمثيل الصدمة من خلال اللعب أو القصص أو الرسم.
  • الأوجاع والآلام دون سبب واضح.
  • التهيج والعدوان.

فإذا كان طفلك يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، فيمكن التعامل معه من خلال ما يلي [6]:

  1. استشارة طبيب نفسي: لتشخيص حالته، فنظراً لأن الصدمة التي تعرض لها طفلك محزنة ومؤلمة فقد لا يرغب بالتحدث عنها، وهنا تكمن أهمية وجود معالج نفسي يتمتع بمهارات عالية في التحدث مع الأطفال والعائلات. بمجرد إجراء التشخيص.
  2. الدعم العاطفي: من المهم وقوف الوالدين والأصدقاء والمدرسة إلى جانب الطفل في هذه المرحلة لإشعاره بالأمان، وتقليل فرصة حدوث حدث صادم آخر إلى أقصى حد ممكن.
  3. العلاج النفسي: يمكن للطفل من خلاله التحدث أو الرسم أو اللعب أو الكتابة عن الحدث المجهد مع الطفل أو العائلة أو المجموعة. 
  4. العلاج السلوكي المعرفي: يساعد الطفل على تعلم تغيير الأفكار والمشاعر عن طريق تغيير السلوك أولاً لتقليل الخوف أو القلق. يمكن أيضاً استخدام الأدوية لتقليل الأعراض.

اضطراب ما بعد الصدمة المعقد

يمكن تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة المعقد لدى البالغين أو الأطفال الذين عانوا مراراً وتكراراً من أحداث مؤلمة، مثل العنف أو الإهمال أو سوء المعاملة. يُعتقد أن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يكون أكثر حدة إذا:

  • الأحداث الصادمة وقعت في وقت مبكر من الحياة.
  • كانت الصدمة ناجمة عن أحد الوالدين أو مقدم الرعاية.
  • تعرض الشخص للصدمة لفترة طويلة.
  • كان الشخص بمفرده أثناء الصدمة.
  • لا يزال هناك اتصال مع الشخص المسؤول عن الصدمة.

نظراً لأن التعرف على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد قد يستغرق سنوات، فإن نمو الطفل، بما في ذلك سلوكه وثقته بنفسه، يمكن أن يتغير مع تقدمه في السن، وقد يفقد البالغون المصابون باضطراب ما بعد الصدمة المعقد ثقتهم في الناس ويشعرون بالانفصال عن الآخرين.

إذا كنت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة المعقد، فقد يتم تقديم علاجات تستخدم لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، مثل العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على الصدمات أو إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR) [7].

غالبًا ما يجد الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة المعقد صعوبة في الوثوق بالآخرين. قد يتم تقديم جلسات علاجية أكثر من المعتاد حتى يكون لديك الوقت لبناء علاقة ثقة مع معالجك.

اضطراب ما بعد الصدمة عند النساء

تكون النساء اللواتي يعانين من الصدمات، بما في ذلك النساء في الجيش، أكثر عرضة بمقدار الضعف من الرجال للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة في حياتهم وعادة ما يكون لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لفترة أطول من الرجال قبل حدوث التشخيص والعلاج. في المتوسط​​، يستغرق الأمر 4 سنوات للنساء مقابل سنة واحدة للرجل ليتم تشخيصه والحصول على العلاج المناسب، كما أن النساء المصابات باضطراب ما بعد الصدمة أكثر عرضة من الرجال المصابين باضطراب ما بعد الصدمة للاعتداء الجسدي أو الجنسي؛ فمن بين النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب، حوالي 50٪ يصبن باضطراب ما بعد الصدمة ويمكن علاجه بالطرق ذاتها لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة الذي سنتعرف عليه في الفقرة التالية [7].

علاج اضطراب ما بعد الصدمة

تشمل علاجات اضطراب ما بعد الصدمة الشائعة ما يلي [8]:

  1. العلاج السلوكي المعرفة (CPT): نوع من العلاج بالكلام تم تطويره خصيصاً لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة لمساعدتك على الانتباه وتغيير أفكارك المزعجة.
  2. العلاج بالتعرض المطول (PET): شكل آخر من أشكال العلاج بالكلام. يساعدك المعالج في التحدث عن الحدث الصادم وتذكره ببطء بشكل متكرر، وبمرور الوقت سيرشدك المعالج إلى المشاعر والذكريات الصعبة المرتبطة بالحدث الصادم. من خلال مواجهة الصدمة، قد تصبح أقل حساسية للذكريات والمواقف ذات الصلة.
  3. علاج إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR): سيُطلب منك أن تتذكر وتتحدث عن الصدمة مع التركيز على عنصر مرئي معين (يد المعالج) أو الاستماع إلى صوت معين (أصوات طنين).
  4. الأدوية: قد تشمل مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق، ودواء برازوسين الذي تكرار الكوابيس المرتبطة بالحادث سبب الصدمة.

التعامل مع مرضى اضطراب ما بعد الصدمة

إذا كان أحد أحبائك أو معارفك يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة فيمكنك التعامل معه من خلال اتباع النصائح التالية [9]:

  • تقديم الدعم الاجتماعي: هو العامل الأكثر أهمية في التعافي مع اضطراب ما بعد الصدمة، ولكن هذا لا يعني أن تضغط على من تحب للحديث، بل أخبره باستعدادك للاستماع عندما يريد التحدث، وشجعه على التواصل مع الأصدقاء وممارسة الهوايات التي تجلب له المتعة والمشاركة في التمارين الإيقاعية مثل الرقص أو المشي أو الجري أو السباحة أو تسلق الصخور.
  • كن مستمعاً جيداً: قد يحتاج الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة إلى التحدث عن الحدث الصادم مراراً وتكراراً، وهذا جزء من عملية الشفاء، لذا تجنب أن تطلب منه التوقف عن إعادة الحديث عن الماضي، بدلاً من ذلك، اعرض عليه التحدث عدة مرات حسب حاجته. قد يكون من الصعب جداً الاستماع إلى بعض الأشياء التي يخبرك بها. لا بأس أن تكره ما تسمعه، لكن من المهم احترام مشاعره وردود أفعاله. 
  • إعادة بناء الثقة والأمان: عبّر عن التزامك بالعلاقة، ودعه يعرف أنك ستبقى معه وتقف إلى جانبه دائماً، من خلال الحفاظ على أوقات منتظمة للوجبات معاً، أو الخروج في نزهة، والحديث عن المستقبل وما ستقومان به معاً في الأيام المقبلة، والأهم من كل ذلك هو الحفاظ على وعدك بأن تقرن أقوالك بالأفعال.
  • استوعب تقلبات مزاج مريض ما بعد الصدمة وغضبه: من خلال إزالة أسباب هذه التقلبات المزاجية، والحفاظ على هدوئك، وهذا يمنع موجة الغضب لديه من التطور، وإذا ازداد غضب الشخص رغم محاولاتك تهدئته، غادر المنزل أو ابتعد مؤقتاً إلى غرفة أخرى في المنزل مثلاً، المهم ألا تظل واقفاً أمامه. 
  • تجنب المحفزات: أي محفز يذكره بصدمته كأغنية أو صراخ أو مشهد عنف، وبذلك تساعده على تجاوز ما يعاني منه بشكل أسرع.
  • ادعم العلاج: على الرغم من أهمية حبك ودعمك، إلا أنه لا يكفي دائماً، بل يحتاج مريض ما بعد الصدمة لعلاج نفسي، وقد يكون طرح الموضوع حساساً. لذا انتظر الوقت المناسب للحديث عن أهمية العلاج وتجنب أن يكون ذلك أثناء الجدال، وضع العلاج في إطار إيجابي وعملي كأن تشرح له بأن: "العلاج هو وسيلة لتعلم مهارات جديدة يمكن استخدامها للتعامل مع مجموعة متنوعة من التحديات المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة".
  • اعتني بنفسك: قد تشعر بالتعب والإرهاق نتيجة تعاملك الدائم مع شخص يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، لذا من المهم أن تعتني بنفسك من خلال النوم الجيد وممارسة الرياضة، وخصص وقتاً مارس خلاله ما تحب من هوايات.

مضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة

إذا بقي اضطراب ما بعد الصدمة دون علاج، فقد يسبب المضاعفات التالية [2]:

  1. الاكتئاب والقلق.
  2. تعاطي المخدرات أو الكحول.
  3. اضطرابات الأكل.
  4. الأفكار والأفعال الانتحارية.

اضطراب ما بعد الصدمة حالة شائعة، ولكن حلها ممكن إذا تمت متابعتها منذ البداية وحظي من يعاني منه بالدعم والاهتمام من محيطه.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!