;

أسباب تليف الكبد

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 26 أبريل 2022 آخر تحديث: الإثنين، 24 أكتوبر 2022
أسباب تليف الكبد

تتنوع أسباب تليف الكبد بين عادات صحية خاطئة مزمنة، والإصابة المتكررة بحالات مرضية محفوفة بالمخاطر، إذ من الطبيعي أن يتأثر الكبد وتضعف قدراته تدريجياً كونه واحد من أكثر أعضاء الجسم أهمية وحساسية في القيام بمهام لا مثيل لها.

لذا دعنا نتعرف إلى أسباب تليف الكبد بالتفصيل، وعلاماته المميزة، وكيف يتم علاجه، وهل من الممكن الوقاية من الوصول إلى تلك المرحلة وما تحتويه من ضرر لا يُمكن عكسه.

تليف الكبد 

تليف الكبد، أو تشمع الكبد (بالإنجليزية: Liver Cirrhosis) مرحلة متأخرة يصل إليها الكبد عند تحول الخلايا والأنسجة السليمة إلى خلايا وأنسجة منتدبة؛ نتيجة لعملية الإصلاح التي يقوم بها في كل مرة يُصاب فيه بالضرر، وتجمُع تلك الأنسجة المنتدبة تدريجياً يعيق الكبد عن القيام بوظائفه؛ مثل: [1]

  • عملية تخزين السكر والفيتامينات لجسمك حتى يستخدمها لاحقاً.
  • تنقية الدم بواسطة إزالة السموم كالكحوليات، والبكتيريا.
  • إنتاج العصارة الصفراوية التي تؤدي دور مهم في امتصاص الدهون، والكوليسترول، والفيتامينات.
  • عملية تكوين البروتينات المسؤولة عن تخثر الدم.

تتطور تلك الحالة ببطء على مدى سنوات عدّة أي ليست وليدة اللحظة، ويكون الضرر فيها دائماً بعد محاولات الكبد المتكررة لإصلاح الأمور، وتكون الحصيلة النهائية التهاب وموت خلايا الكبد [1]

يقدر العلماء أن مرض تليف الكبد قد يُصيب شخص من بين كل 400 في الولايات المتحدة، خاصة الفئة العمرية بين 45 و54 عاماً، بل قد يتسبب في وفاة 26000 حالة كل عام في الولايات المتحدة، إذ يحتل المركز السابع في أسباب الوفاة في الولايات المتحدة بين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاماً. [2]

أسباب تليف الكبد 

 لا يُعني تليف الكبد بطاقة موت فورية كما يظن البعض، لكن استمرار التندب وتدهور وظائف الكبد بعد التشخيص قد يكون محفوف بالمخاطر التي تُهدد الحياة، ومع ذلك يوجد أمل مرتبط بالتحكم في أسباب تليف الكبد التي سنتناولها بالتفصيل في السطور التالية؛ لمنع مزيد من التلف، بالإضافة إلى ملاحظة الأعراض.

الإفراط  في الكحوليات 

يُعد تناول الكحوليات المزمن بإفراط من أهم أسباب تليف الكبد الشائعة، بل وفقاً لدراسات أجريت عام 2019 يزداد خطر الإصابة بتليف الكبد عند أي مستوى من استهلاك الكحوليات، أي إن حتى التناول المعتدل قد يُعرض الشخص للخطر، ومع ذلك نجد أن الأمر يختلف من شخص لأخر، لكن في النهاية تليف الكبد الناتج عن تناول الكحوليات يتطور مع تناوله بانتظام على مدار سنوات عدّة في الأقل 10 سنوات.

وقد يواجه المريض صعوبة في التخلي عن تناول الكحوليات، لذا قد يكون ضرورياً استشارة الطبيب للحصول على المساعدة، وتحويله إلى أحد البرامج العلاجية الفعالة الخاصة بمدمني الكحوليات.  [1][2]

الالتهاب الكبدي الفيروسي 

قد يسبب الالتهاب الكبدي الفيروسي المتكرر سواء أكان فيروس B، أو فيروس C في تلف الخلايا مما يؤدي إلى تليف الكبد، خاصة إذا تُرك كلاهما دون علاج وعناية، ويزداد خطر الإصابة بفيروس C في الفئات التالية: 

  • مدمني حقن المواد المخدرة غير المشروعة.
  • ممارسة العلاقات الجنسية دون وسائل حماية عازلة كالواقي الذكري.
  • الأشخاص الذين يخضعون للغسيل الكلوي.

وبالنسبة للالتهاب الكبدي الفيروسي B نجده أكثر شيوعاً في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وأوروبا الشرقية، بينما يكون أقل انتشاراً في الولايات المتحدة، ومن الجدير بالذكر أن التهاب الكبد D قد يسبب تليف الكبد أيضاً. [1] [2]

الالتهاب الكبدي غير الكحولي 

التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH) حالة من تراكم الدهون في الكبد غير مرتبطة بتناول الكحوليات بكثرة، بل غالباً ترتبط بحالات مرضية؛ مثل: السمنة المفرطة، ومرض السكري، وارتفاع مستويات الدهون في الدم، لذا قد يضع الطبيب في المقام الأول في خطتك العلاجية هنا فقدان الوزن، والسيطرة على مستوى السكر في الدم طبيعياً. [1] [2]

الأمراض الوراثية 

توجد بعض الاضطرابات الوراثية الجينية التي تضع الكبد في بداية طريقه نحو التليف؛ مثل: [2] [3]

  • مرض نقص ألفا 1 أنتيتريبسين: يحدث فيه تراكم بروتين غير طبيعي في الكبد.
  • مرض ترسب الأصبغة الدموية: يتميز بتخزين زائد من عنصر الحديد في الكبد.
  • داء ويلسون: يتميز بتخزين زائد من عنصر النحاس في الكبد.
  • التليف الكيسي: يتراكم فيه مخاط سميك ولزج على الكبد.
  • أمراض تخزين الجليكوجين: قد لا يستطيع الكبد تخزين أو تكسير الجليكوجين (شكل من أشكال الغلوكوز)؛ فيتراكم في الكبد مسبباً تلف خلاياه.
  •  متلازمة ألاجيل: أو كما يطلق عليها (اضطراب الجهاز الهضمي الوراثي) هي متلازمة الولادة بعدد أقل من الطبيعي من قنوات العصارة الصفراوية؛ مما يؤثر على تدفق الصفراء والإصابة بحالة اليرقان.
  • التهاب الكبد المناعي الذاتي: أحد الحالات المرضية التي يهاجم فيها الجهاز المناعي أنسجة الكبد السليمة كما لو كانت أجسام غريبة؛ مما يتسبب في تلفها.  

الأسباب الأقل شيوعاً

توجد بعض الأسباب الأقل انتشاراً التي تتلف الكبد تدريجياً، خاصة عند إهمال مراقبتها وعلاجها؛ مثل:

  • الأمراض النادرة: يُعد الداء النشواني واحد من الأمراض النادرة التي يحدث فيها ترسبات غير طبيعية في الكبد لبروتين غير مألوف يسمى (الأميلويد)؛ مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات في وظائف الكبد الطبيعية وفي النهاية موت خلاياه.
  • قصور القلب المزمن: قد يسبب ارتجاع السوائل في الكبد مع تورم مناطق أخرى من الجسم، وهذا يتلف خلايا الكبد تدريجياً على المدى البعيد.
  • العقاقير الدوائية: تناول بعض الأدوية بصورة خاطئة سواء أكانت بوصفة طبية أو بدون على المدى البعيد، قد يُسبب تلف خلايا الكبد؛ مثل: عقار الاسيتامينوفين، وعقار الميثوتريكسات، وبعض المضادات الحيوية، وبعض مضادات الاكتئاب. 
  • الأمراض التي تتلف أو تسد القنوات الصفراوية في الكبد: الأنابيب الصفراوية تنقل الصفراء من الكبد إلى أجزاء أخرى من الجهاز الهضمي حتى تساعد في هضم الدهون، لذا تلف تلك القنوات يتلف الكبد بتراكم الصفراء؛ مثل: التهاب الأقنية الصفراوية الأولي، والتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي، وانسداد القناة الصفراوية الذي قد يكون ناتج عن سرطان القنوات الصفراوية، أو سرطان البنكرياس.  
  • متلازمة بود تشياري: تسبب تلك المتلازمة جلطات في الوريد الكبدي الذي ينقل الدم من الكبد؛ مما يؤدي إلى تضخم الكبد وتطور الأوعية الجانبية.   
  • التعرض إلى عدوى: بعض أنواع العدوى قد تتلف خلايا الكبد بشدة؛ مثل: مرض الزُّهري، ومرض البروسيلات، والبلهارسيا الشائعة في البلدان النامية. [2] [3]

عوامل الخطورة

استطاع العلماء تحديد عدّة عوامل خطورة تزيد من فرصة الإصابة بتليف الكبد، أبرزها: [2] [3]

  • الاستهلاك المفرط للكحول يظل الركن الأساسي في وصول الكبد إلى التليف.
  • زيادة الوزن والسمنة المفرطة من أخطر العوامل التي تسبب تليف الكبد.
  • الإصابة بمرض السكري.
  • الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي، يجب هنا أن تعلم أن إصابتك بالتهاب الكبد المزمن لا يُعني بالضرورة الإصابة بتليف الكبد، لكنه أحد الأسباب الرئيسية لأمراض الكبد عالمياً التي تستوجب العناية والاهتمام فور إصابتك بها.
  • ممارسة العلاقات الجنسية دون حماية فعالة.
  • إدمان حقن المواد المُخدرة.
  • وجود تاريخ من أمراض الكبد.

أعراض تليف الكبد

في كثير من الأحيان قد لا توجد أعراض ملحوظة في المراحل الأولى من تليف الكبد، لكن مع تدهور الحالة وتطور المرض تبدأ علامات مميزة في الظهور، أبرزها: [3] [4]

  • فقدان الشهية.
  • الشعور بإعياء.
  • فقدان الوزن دون قصد.
  • ألم بسيط في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
  • الشعور بالغثيان، والتقيؤ.

ومع تفاقم الوضع أكثر تظهر علامات أكثر حدة، وتشمل: [3] [4]

  • اصفرار لون البشرة (اليرقان).
  • اضطرابات في كلا من التركيز والذاكرة.
  • سهولة التعرض إلى الكدمات والنزيف.
  • بول داكن اللون.
  • التعرض إلى انتفاخ البطن من تراكم السوائل (الاستسقاء).
  • تورم الساقين (الوذمة).
  • الشعور بحكة شديدة في الجلد.
  • أوعية دموية تشبه النسيج العنكبوتي على الجلد.
  • توقف الطمث في السيدات.
  • ضعف الدافع الجنسي لدى الرجال. 

علاج تليف الكبد

إذا تم تشخيص تليف الكبد مبكراً بقدر كافي، فيمكن تقليل الضرر عن طريق معالجة السبب الرئيسي، أو المضاعفات المختلفة التي نشأت، إذ في النهاية لا يوجد علاج لتليف الكبد مُحدد بل تكون أهداف الخطط العلاجية هنا:

  • إبطاء تقدم المرض.
  • علاج الأعراض التي يعانيها المريض، ومنع ظهور المزيد منها.
  • علاج المضاعفات إن وجدت، ومنع ظهور المزيد منها. [4]

علاج سبب تليف الكبد

تمثل الركيزة الأساسية في علاج تليف الكبد من خلال التحكم في السبب مهما كان، وليس عكس الضرر الذي حدث بالفعل، وتشمل الاختيارات التالية: [4] [5]

  • علاج إدمان الكحول: تُعد الخطة العلاجية المثالية في حالة كان السبب وراء التليف تناول الكحوليات، إذ تناول أي كمية ولو بسيطة في هذا الوضع تكون سامة للكبد، ويُمكن الاستعانة ببرامج علاج إدمان الكحول في حالة لم تستطع فعل بذلك بمفردك.
  • التحكم في الوزن: يُعد فقدان الوزن والتحكم في مستويات السكر في الدم خطة ممتازة لتليف الكبد الدهني غير الكحولي.
  • العقاقير الدوائية: قد يصف الطبيب عقاقير مختلفة بُناء على الحالة وسبب الإصابة؛ مثل: مضادات الفيروسات لعلاج التهاب الكبدي الفيروسي C أو B، والأدوية التي تخفف بعض الأعراض من الحكة والتعب، والمكملات الغذائية لعلاج سوء التغذية المرتبط بتليف الكبد والوقاية من ضعف العظام، مع الحرص على ضبط جرعات الأدوية التي ساهمت في تليف الكبد إن وجدت.
  • النظام الغذائي المتوازن: يجب تناول قدر كافي من البروتين، وتناول كمية كافية من السوائل حتى لا تُصاب الجفاف، ويُفضل أن يكون نظامك الغذائي منخفض الصوديوم خاصة عند معاناة الاستسقاء.
  • علاج أمراض الكبد الوراثية: توجد خطة علاجية مناسبة لكل مرض وراثي معين، تهدف في النهاية إلى التحكم في المضاعفات وعلاج الأعراض، بواسطة بعض المضادات الحيوية، والأدوية المدرة للبول، والأدوية المضادة للالتهابات.
  • السيطرة على ارتفاع ضغط الدم البابي: يقوم الطبيب هنا غالباً بوصف بعض الأدوية؛ مثل: حاصرات بيتا، أو النترات.
  • علاج قصور القلب المزمن: يعتمد العلاج على السبب ومرحلة القصور التي وصل إليها القلب، لكن غالباً يتم وصف عقاقير تعالج ارتفاع ضغط الدم، وتقليل الكوليسترول، بالإضافة إلى استخدام أجهزة، أو إجراء عمليات جراحية.

زراعة الكبد 

يلجأ الطبيب إلى تلك الوسيلة في المراحل المتأخرة من تليف الكبد التي لا يُمكن السيطرة على المضاعفات فيها، تعتمد على تبديل الكبد المتليف بآخر سليم من متبرع، لكن يستغرق الأمر عادةً مدّة زمنية طويلة تصل إلى أعوام، لذا تم إدخال نظام عالمي يستطيع فيه شخص على قيد الحياة أن يتبرع بجزء من الكبد إلى المريض لإنقاذ الوضع مؤقتاً. [4] [5]

مضاعفات تليف الكبد

يرتبط تليف الكبد بمضاعفات قد تكون أكثر خطورة من المرض ذاته لدرجة تهدد الحياة، وتشمل: [4] [5]

  • الاستسقاء (تراكم السوائل في البطن) أو الوذمة (تراكم السوائل في الساقين).
  • الدوالي وارتفاع ضغط الدم البابي.
  • اعتلال الدماغ الكبدي.
  • سرطان الخلايا الكبدية.
  • اليرقان.
  • المتلازمة الكبدية الرئوية (HPS).
  • اضطرابات تخثر الدم.
  • الالتهابات البكتيرية؛ مثل: التهاب المسالك البولية (UTI).
  • صعوبة في مكافحة العدوى المختلفة.
  • سوء التغذية.
  • الفشل الكلوي.
  • ظهور حساسية من بعض الأدوية التي يُعالجها الكبد.
  • تضخم الطحال.
  • تكون حصوات مرارية.

الوقاية من تليف الكبد

قد يكون القول السائد "الوقاية خير من العلاج" صُنع خصيصاً لتليف الكبد، لذا دعنا نعطيك نصائح ذهبية تجعل بينك وبين تليف الكبد ألف خطوة وخطوة: [5] [6]

  • الحد من تناول الكحوليات، ويُفضل تجنبها تماماً في حالة وجود أحد الأمراض الكبدية بالفعل.
  • تناول نظاماً غذائياً متوازناً قليل الدسم؛ مثل: حمية البحر الأبيض المتوسط، مع تجنب تناول المأكولات البحرية النيئة خاصة المحار والبطلينوس.
  • ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة بانتظام.
  • الحفاظ على وزن صحي.
  • الابتعاد عن التدخين قدر الإمكان.
  • تناول الأدوية تحت إشراف الطبيب، وبالجرعات المُحددة بعناية.
  • الحفاظ على فحوصات الكبد الروتينية.
  • يجب المتابعة مع طبيب مختص، والحصول على الرعاية المناسبة في حالة وجود حالة مرضية مزمنة قد تسبب تليف الكبد؛ مثل: مرض السكري، والتهابات الكبد الفيروسية.
  • تجنب الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي B، والتهاب C عن طريق استخدام وسيلة حماية عازلة خلال ممارسة العلاقة الجنسية، وعدم مشاركة الإبر والأدوات الشخصية، أو الحصول على وشم.
  • الحرص على تلقي اللقاحات المتوفرة ضد بعض مسببات تليف الكبد؛ مثل: لِقاح التهاب الكبد B خاصة الفئات المُعرضة للخطر من العاملين في القطاع الطبي، وأفراد الشرطة.

يُعد التعرف إلى أسباب تليف الكبد إحدى الركائز الأساسية التي تحول دون الوقوع في فخ الإصابة، مع مراقبة أعراض أمراض الكلى المميزة التي تعرفنا إليها، وبالرغم من أن تليف الكبد حالة متأخرة تأتي بعد معاناته لسنوات طويلة، لكن يَجِبُ ألاّ تغض النظر على ضرورة البدء فوراً في خطة علاجية مناسبة؛ لمنع حدوث مزيد من الأضرار.   

  1. أ ب ت ث ج "مقال التليف الكبدي" ، المنشور على موقع healthline.com
  2. أ ب ت ث ج ح خ "مقال تليف الكبد" ، المنشور على موقع my.clevelandclinic.org
  3. أ ب ت ث ج "مقال التليف الكبدي" ، المنشور على موقع mayoclinic.org
  4. أ ب ت ث ج ح "مقال تليف الكبد والكبد" ، المنشور على موقع webmd.com
  5. أ ب ت ث "مقال كل ما تريد أن تعرفه عن تليف الكبد" ، المنشور على موقع medicalnewstoday.com
  6. "مقال الوقاية من أمراض الكبد" ، المنشور على موقع stanfordhealthcare.org