;

الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية

  • تاريخ النشر: الخميس، 10 مارس 2022
الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية

تتشابه كثير من الاضطرابات النفسية لدرجة تجعل البعض يختلط عليه الأمر ولا يعرف الفرق بينهم، ويعد الخلط الشديد بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية أبلغ مثال على ذلك؛ نظراً لاشتراكهم في بعض السمات، فما هو الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية؟ وما هي السمات والأعراض المميزة لكل منهم؟

ما هو اضطراب الهوية الافتراقي

اضطراب الهوية الافتراقي (بالإنجليزية: Dissociative Identity Disorder) هو مشكلة عقلية يعاني فيها المريض من اضطراب في هويته، حيث يمتلك المريض شخصيتين أو أكثر، لكل منهم سمات وتفضيلات وتاريخ مستقل بذاته عن شخصيته الأساسية، تتحكم هذه الشخصيات في تصرفات المريض في أوقات مختلفة، وتفقده القدرة على التواصل مع الواقع. [1]

يعد اضطراب الهوية الافتراقي من الحالات النفسية النادرة جداً، حيث يؤثر فقط على ما بين 0.01 إلى 1% من الأشخاص، وتعد السيدات هن الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب مقارنةً بالرجال. [1]

ما هو انفصام الشخصية

مرض الفصام (بالإنجليزية: Schizophrenia) أو انفصام الشخصية كما يطلق عليه البعض مجازاً، هو أحد الاضطرابات العقلية التي تؤثر على طريقة تفكير المريض واتصاله بالواقع، حيث يعاني مرضى هذا الاضطراب من فقدان القدرة على التفرقة بين ما هو حقيقي وما هو خيالي، لدرجة أن بعضهم يفقد القدرة تماماً على الاتصال بالواقع، ويصبح بالنسبة له مجرد خليط من الأفكار والصور والأصوات المربكة. [2]

تختلف حدة الأعراض وشكلها من مريض لآخر، فقد يعاني البعض من نوبة ذهانية فقط، وقد يعاني مريض آخر من تكرار النوبات الذهانية في وقت قصير، لكن بشكل عام يمكن أن يعيش معظم المرضى حياة طبيعية بين هذه النوبات، إلا في حالة تعرضهم إلى بعض الانتكاسات التي تظهر بمرور الوقت في كثير من الحالات. [2]  

ما هو الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية

يختلط الأمر على كثير من الأشخاص ويعتقدون أن مرضى انفصام الشخصية يمتلكون شخصيات متعددة، لكن هذا من المفاهيم الخاطئة التي ساعدت بعض الأعمال الفنية على رواجها، فعلى الرغم من وجود بعض الأعراض المشتركة بين الفصام واضطراب الهوية الافتراقي، إلا أن هناك فروق واضحة بين الاضطرابين، نلقي الضوء على أبرز هذه الفروق في السطور القادمة من هذا المقال. [3]

أسباب الإصابة

تمثل أسباب الإصابة أهم العوامل الفارقة عند المقارنة بين كلا الاضطرابين، حيث ترتبط أسباب اضطراب الهوية الافتراقي بتعرض المريض لإحدى الصدمات النفسية أو الجسدية في مرحلة الطفولة، تعد الاعتداءات الجنسية والإهمال العاطفي من الوالدين من أشهر الأمثلة على هذه الصدمات، مما يدفع الطفل إلى البحث عن آليه للهروب من هذا الواقع، من خلال الهويات المختلفة التي تسيطر عليه حتى يحمي شخصيته الأساسية من الصدمة. [3]

على الجانب الآخر لا ترتبط أسباب الإصابة بالفصام أو انفصام الشخصية بصدمات نفسية مطلقاً، بل يعتقد الأطباء أن هناك دور كبير للعوامل الجينية والوراثية في ظهور هذا المرض وتطوره في كثير من الحالات، كما يساهم الاضطراب الذي يحدث في بعض النواقل العصبية والمواد الكيميائية في المخ في ظهور أعراض المرض. [3]

الأعراض

يتضح الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية بشكل أكبر عندما نتطرق إلى الحديث عن الأعراض، حيث تعد السمة المميزة لاضطراب الهوية الافتراقي هي تعدد الشخصيات التي تسيطر على تفكير وتصرفات المريض في أوقات مختلفة، بينما يفتقد مريض انفصام الشخصية هذا التعدد، ويعاني أكثر من الانفصال عن واقعه من خلال الهلاوس البصرية والسمعية التي تسيطر عليه. [1] [2]

تتضمن أعراض اضطراب الهوية الافتراقي: [4]

  • فقدان الذاكرة، وعدم قدرة المريض على استدعاء أي معلومة تخص شخصيته الأساسية.
  • عدم وضوح الشعور بالهوية.
  • فقدان القدرة على تحمل ضغوط العمل أو الحياة بشكل عام.
  • عدم قدرة المريض على الثقة بالآخرين.
  • سيطرة الأفكار الانتحارية على المريض، ورغبته في إيذاء نفسه أو الأخرين.
  • المعاناة من بعض المشاكل النفسية الأخرى؛ مثل: القلق النفسي، والشعور بالاكتئاب.

تنطوي أعراض انفصام الشخصية تحت الأمور التالية: [2] [4]

  • العزلة الاجتماعية، والانسحاب عن الأهل والأصدقاء المقربين.
  • بطء شديد في حركة المريض.
  • الأرق والنسيان وعدم القدرة على التركيز.
  • تصرفات غاضبة وغير عقلانية تجاه الأشخاص المقربين.
  • الهلاوس البصرية والأفكار غير المنتظمة.
  • عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.
  • الهلاوس السمعية التي تجعل المريض يتخيل أن هناك من يخاطبه ويهينه، أو يعطيه بعض الأوامر.
  • سيطرة بعض الأفكار الوهمية على المريض، فعلى سبيل المثال يعتقد بعض المرضى أن من حوله يتآمرون عليه.
  • عدم قدرة الآخرين على فهم كلام المريض؛ نتيجة لاستخدامه كلمات موجزة وغير معبرة، وقد يتطور الأمر ويتوقف المريض عن الكلام تماماً في كثير من الحالات.
  • افتقاد المريض القدرة على التركيز أو فهم المعلومات الموجهة إليه من الأساس.
  • الانتقال بسرعة من فكرة إلى أخرى دون وجود أي ترابط أو علاقة بينهم.
  • عدم قدرة المريض على اتخاذ أي قرار يخصه.

بداية ظهور الأعراض

تختلف المرحلة العمرية التي تبدأ فيها أعراض كلا الاضطرابين، حيث يتسم اضطراب الهوية الافتراقي بظهور أعراضه مبكراً في مرحلة الطفولة، وخاصةً بين سن الخامسة والعاشرة، بينما تشير الأبحاث أن معظم مرضى انفصام الشخصية يعانون من أعراض المرض في مراحل متأخرة بعد سن الثلاثين. [3]

طريقة العلاج

يتضح الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية في نمط العلاج الخاص بكل مرض، حيث يعد العلاج الدوائي هو الخيار الأول والأساسي في علاج مرض انفصام الشخصية، ويتضمن استخدام الجيل الثاني من الأدوية المضادة للذهان، بينما يأتي العلاج النفسي والدعم الأسري في المرتبة الثانية عند تحديد الخطة العلاجية. [3]

على الجانب الآخر لا يوجد أدوية تساعد على التحكم في أعراض اضطراب الهوية الافتراقي، وقد يلجأ الأطباء فقط إلى استخدام الأدوية عند وجود مشكلات نفسية مصاحبة للاضطراب؛ مثل: الاكتئاب والقلق والتوتر. [3]

يعتمد العلاج الأساسي لاضطراب الهوية الافتراقي على جلسات العلاج النفسي عن طريق الكلام، وفيها يساعد الطبيب المريض على دمج الشخصيات المتعددة التي تسيطر على المريض في شخصية واحدة، ويوضح له كيفية التعايش مع حالته. [3]  

أسباب الخلط بين الاضطرابين

في بعض الأحيان يختلط الأمر على البعض ولا يعرفون ما الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية؛ نتيجة للعديد من الأسباب من ضمنها: [3]

  • اشتراك كلا الاضطرابين في بعض الأعراض؛ مثل: فقدان الذاكرة، والأفكار الانتحارية، واضطرابات النوم.
  • إصابة بعض مرضى اضطراب الهوية الافتراقي ببعض الأعراض المشابهة لأعراض الفصام؛ مثل: الهلاوس البصرية، ورؤية بعض الأمور المخالفة للواقع.
  • تلقي بعض مرضى اضطراب الهوية الافتراقي تشخيصاً خاطئاً في بعض الأحيان من قبل الأطباء؛ نظراً لمعاناة المرضى في الحالتين من الهلاوس السمعية التي تجعلهم يسمعون أصواتاً غير موجودة في الحقيقة؛ يحدث هذا الخلط عادةً عند الأطباء الذين لا زالوا يعتمدون على معايير التشخيص القديمة، بينما أوضحت المعايير الحديثة الفروق الواضحة بين كلا الاضطرابين، وبين بعض المشكلات النفسية والاضطرابات الشخصية المشابهة لكل منهم. 

هناك العديد من الطرق والمعايير التي يعتمد عليها الأطباء للتعرف على الفرق بين اضطراب الهوية الافتراقي وانفصام الشخصية، على الرغم من وجود أعراض كثيرة مشتركة بين كلا الاضطرابين قد تجعل البعض يخلط بينهم.