;

الكوليرا تجتاح من جديد فكيف تقي نفسك منها

ما هو العامل المسبب الكوليرا؟ ما هي أعراض ومظاهر الإصابة بها؟ ما هي طرق العلاج ووسائل الوقاية منها؟

  • تاريخ النشر: الخميس، 09 يوليو 2020 آخر تحديث: الأربعاء، 26 أكتوبر 2022
الكوليرا تجتاح من جديد فكيف تقي نفسك منها

الكوليرا تكشر عن أنيابها وتهاجم شعوبنا العربية من جديد، حيث يسجل المرض انتشاراً في خمس محافظات سورية، وبعض المناطق في لبنان والعراق واليمن، وتعكف منظمة الصحة العالمية على دراسة الأسباب المؤدية إلى اجتياح هذا المرض الفتاك من جديد.

 لا شك أن الكوليرا من أكثر الأمراض المعدية التي شكلت موجات وبائية قاتلة للعديد من المجتمعات على مر الزمان، وكما هو معلوم فإن هذا المرض يمثل مؤشراً على انخفاض مستوى الظروف الصحية التي يعيش فيها المجتمع الذي يجتاحه هذا الوباء، وما انتشاره في تلك البلاد إلا جراء فتك الحروب بأهلها؛ وما نتج عنه من انهيار شبكات تنقية المياه والصرف الحي وغيرها من البنيات التحتية لهذه الدول.

يتناول مقالنا تفصيلاً كل ما يهمك معرفته عن مرض الكوليرا، أسباب الإصابة به، والأعراض التي تظهر على المصاب، والعلاجات المجربة، هذا بالإضافة إلى طرق الوقاية منه.

ما هي الكوليرا

الكوليرا (بالإنجليزية: Cholera) هي مرض معد باكتيري السبب، حيث يتسبب هذا المرض في الإصابة بإسهال وجفاف شديد، ويمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات، حتى لدى الأشخاص أسوياء المناعة، وذلك في حال عدم معالجتها بشكل جيد، غالباً ما تنتشر البكتيريا المسببة لمرض الكوليرا عبر الماء الملوث، والطعام الملوث -خاصة بالفضلات البشرية- لذلك تشكل أوقات الفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية فترات ملائمة للكوليرا حتى تشكل جائحات؛ حيث يحدث اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.

فعلياً تم القضاء على الكوليرا في البلدان الصناعية بوجود الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه، لكن ما يزال المرض موجود في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، حيث يرتفع خطر الإصابة بالوباء عندما يرغم الفقر أو الحرب أو الكوارث الطبيعية الأشخاص على العيش في الظروف المزدحمة دون وجود مرافق الصرف الصحي الملائكة.[1]

أسباب الإصابة بالكوليرا

يسبب المرض باكتيريا تدعى ضمّة الكوليرا (بالإنجليزية: Vibrio cholera)؛ والتي تفرز سموماً في الأمعاء تسبب المرض، حيث ينتج عن الإصابة آلية كيميائية حيوية معينة تزيد من إفراز الماء إلى داخل جوف الأمعاء بدلاً من امتصاصه إلى الدم؛ مما يقود إلى خسارة كميات هائلة من الماء في ظرف ساعات قد تصل إلى 50 ليتراً؛ يسبب هذا الأمر وصول المريض إلى الجفاف الشديد الذي يكون مميتاً في حال عدم المعالجة، ونلفت الانتباه أن مصادر المياه الملوثة هي أهم مصادر العدوى، كما يمكن أن ينتقل المرض  عن طريق العوامل التالية:[2]

  • سطح التربة أو مياه الآبار: الآبار العامة الملوثة هي مصادر متكررة لتفشي مرض الكوليرا على نطاق واسع، كما أن الأشخاص الذين يعيشون حياة مزدحمة بدون مرافق صرف صحي مناسبة معرضين للخطر أكثر من غيرهم.
  • بعض المأكولات البحرية: يمكن التقاط العدوى بتناول بعض أنواع الأسماك، خاصة الأسماك القشرية، التي تأتي من أماكن موبوءة عادة.
  • الفواكه والخضروات النيئة: تعد الفواكه والخضروات النيئة غير المقشرة مصدرا هاماً ومتكرراً للعدوى في المناطق التي توجد بها العدوى في البلدان النامية، حيث يمكن أن تلوث الأسمدة أو مياه الري التي تحتوي على مياه الصرف الصحي الخام الخضار والثمار في الحقل.

أعراض الإصابة بالكوليرا

قد لا تظهر أعراض الإصابة بالمرض على جميع المصابين، ومع هذا فالجراثيم موجودة في البراز حتى لو لم تؤدي لأي أعراض؛ مما يجعل من هؤلاء الأشخاص ناقلين نشطين لإصابة غيرهم، ومن الأعراض التي تظهر على مريض الكوليرا ما يلي:[3]

  • الإسهال: تحدث الإصابة بالإسهال الناتج عن الكوليرا فجأة ويسبِّب فقداناً كبيراً لسوائل الجسم، فقد يصل هذا الإسهال لحوالي 1 لتر في الساعة، يدعى الإسهال الناتج عن الكوليرا بإسهال ماء الأرز، حيث يكون باهتاً، وحليبي ويشبه منقوع ماء الأرز.
  • الغثيان والقيء: يحدث القيء في المراحل الأولى من المرض ويمكن أن يدوم لساعات عدة.
  • التجفاف: يحدث بعد ساعات من ظهور أعراض المرض وتتراوح شدته من بسيط إلى حاد، حيث يُفقد 10% أو أكثر من وزن الجسم يعني حدوث جفاف حاد. يسبب هذا الجفاف فقدان المعادن من الجسم بسرعة؛ مما يؤدي لاضطرابات شديدة داخل الجسم.
  • التقلصات المؤلمة للعضلات: تنتج تلك التقلصات عن الفقدان السريع للأملاح، كالصوديوم والكلور والبوتاسيوم.
  • الصدمة: هي إحدى مضاعفات الجفاف الأكثر خطراً، وتحدث حين تنخفض سوائل الدم؛ وبالتالي يحدث انخفاض ضغط الدم وانخفاض كمية الأكسجين في الجسم، وجديرٌ بالذكر أنه في حالة عدم معالجة هذه الحالة، يمكن أن تؤدي صدمة نقص حجم الدم الشديدة إلى حدوث الوفاة.

مضاعفات الإصابة بجرثومة الكوليرا

يمكن أن يكون هذا المرض من أسرع الأمراض القاتلة، حيث يؤدي الفقدان السريع للسوائل والشوارد أو الأملاح والمعادن (بالإنجليزية: Electrolytes) إلى الجفاف والموت في غضون ساعات قليلة، وعلى الرغم من أن الجفاف ونقص حجم الدم المتدفق في الجسم هما أسوأ مضاعفات الإصابة بالكوليرا؛ إلا أن مشكلات صحية أخرى قد تحدث، مثل:[2][3]

  • نقص سكر الدم: يمكن أن تنخفض مستويات سكر الغلوكوز (مصدر الطاقة الأساسي في الجسم) بدرجة خطيرة؛ بسبب عدم تناول المرضى الطعام من شدة الإعياء (التعب)، وللأسف فإن الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه المشكلة؛ حيث تتسبب إصابتهم بالعدوى في حدوث نوبات اختلاج (نوبات صرعية)، وفقدان الوعي، حتى الوفاة.
  • انخفاض مستويات البوتاسيوم: يفقد المرضى المصابون بالكوليرا كميات كبيرة من المعادن في البراز، بما فيها البوتاسيوم، ويؤثر انخفاض مستويات البوتاسيوم على وظيفة القلب ووظائف الجهاز العصبي؛ وهو ما يشكل خطراً على الحياة.
  • الفشل الكلوي (القصور الكلوي): عندما تفقد الكلى قدرتها على الترشيح، تتراكم كميات زائدة من السوائل، وبعض الشوارد، والفضلات في الجسم؛ الأمر الذي قد يشكل خطراً على الحياة، وغالباً ما يترافق الفشل الكلوي بنقص حجم الدم في الجسم عند المرضى المصابين بالكوليرا.

علاجات الكوليرا

تتطلب الكوليرا علاجاً فورياً، وذلك لخطورة الحالة وتهديدها لحياة المريض، حيث تتضمن المعالجة:[2]

  • تعويض السوائل: يكمن الهدف في استعادة السوائل والشوارد المفقودة، باستخدام محلول بسيط يعرف بمحلول أملاح تعويض السوائل عن طريق الفم (ORS)، يتوفر محلول أملاح تعويض السوائل عن طريق الفم على هيئة مسحوق يمكن تحضيره بماء سبق غليه أو الماء المعبأ.
  • السوائل الوريدية: يمكن مساعدة معظم الأشخاص المصابين بالكوليرا عن طريق تعويض السوائل الفموية وحدها، لكنَّ الأشخاص المصابين بالجفاف الشديد قد يحتاجون إلى سوائل وريدية أيضاً.
  • المضادات الحيوية: على الرغم من أنها جزء غير ضروري في الغالب، إلا أن استخدامها يمكن أن يسرع الشفاء، ويساعد أصحاب المناعة الضعيفة في التغلب على المرض.
  • المكملات الغذائية الحاوية على الزنك: أظهرت الأبحاث أن عنصر الزنك قد يحد من الإسهال ويقصر من فترة إصابة الأطفال بالكوليرا،

ومن المعروف أن الزنك يرفع مناعة الجهاز الهضمي.

ملاحظة: يعتبر تعويض السوائل والشوارد حجر الأساس في المعالجة، فبدونه يموت المريض حتماً، بينما تنخفض نسبة الوفيات بتطبيقه إلى أقل من 1%.[2]

 الوقاية من الإصابة بالكوليرا

لا بد من وجود اهتمام على الصعيد الدولي والمحلي للقضاء على الأسباب المؤدية لجائحة الكوليرا، لكن هذا لا يمنع أنه على المستوى الفردي فيمكن اتباع عدد من القواعد الصحية للوقاية من الإصابة بالكوليرا، مثل:[3]

  • غسل اليدين بالماء والصابون جيداً وبشكل متكرر، خاصة بعد استخدام الحمام وقبل تناول الطعام.
  • شرب الماء المعبأ بزجاجات، أو المغلي مسبقاً للتأكد من خلوه من الجراثيم وعلى رأسها الكوليرا.
  • تناول الطعام المطبوخ جيداً وجنب تناول الطعام من الباعة المتجولين.
  • لقاح الكوليرا: بالنسبة للبالغين المسافرين لمناطق تكثر فيها الإصابة بالكوليرا، يوجد لقاح يدعى فاكسكورا، يؤخذ كجرعة واحدة قبل 10 أيام من السفر إلى تلك المنطقة.

الكوليرا التي كانت في يوم ما جائحة أودت بحياة الكثيرين هي مقياس لقدرة الطب الحديث للتغلب على مثل هذه الأمراض والأوبئة؛ لذلك فإن إجراءات العلاج والوقاية يجب أن ألا تكون على المستوى الفردي فقط، لكن يجب أن تتدخل أجهزة الدول والمنظمات العالمية المعنية لتهيئة العوامل الصحية والبيئات الملائمة لحياة إنسانية كريمة للفرد داخل مجتمعه؛ وبذلك تتوفر الوقاية التلقائية من الأوبئة والأمراض المعدية التي تهدد البشرية على وجه العموم.

  1. "مقال كوليرا" ، المنشور على موقع who.int
  2. أ ب ت ث "مقال كوليرا" ، المنشور على موقع mayoclinic.org
  3. أ ب ت "مقال كوليرا" ، المنشور على موقع webmd.com
تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!