;

العلاج الإشعاعي لمرض السرطان

  • تاريخ النشر: الإثنين، 23 نوفمبر 2020 آخر تحديث: الثلاثاء، 09 أغسطس 2022
العلاج الإشعاعي لمرض السرطان

بالإضافة إلى الجراحة والعلاج الكيميائي، يعد العلاج الإشعاعي واحداً من الطرق الرئيسية لعلاج مرض السرطان. يتم استخدام العلاج الإشعاعي لعلاج كل مريض سرطان. ويكون بعكس العلاج الكيميائي الذي يشمل كل أنحاء الجسم، فهو إجراء علاجي موضعي، أي أن تأثيره المدمر للخلايا السرطانية يحدث فقط في المناطق التي يتم تعريضها للأشعة.

فوائد العلاج الإشعاعي

يمكن استخدام العلاج الإشعاعي كطريقة علاج وحيدة، أو مرافقاً للعلاج الكيميائي (العلاج الإشعاعي الكيميائي) أو قبل إجراء الجراحة لإزالة الورم.

يمكن علاج بعض أنواع السرطان مثل سرطان الحلق الموضعي أو سرطان البروستاتا عن طريق العلاج الإشعاعي فقط. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام العلاج الإشعاعي في علاج السرطان لتخفيف الأعراض أو منع حدوثها.

كيف يعمل العلاج الإشعاعي؟

في العلاج الإشعاعي، يتم تدمير الخلايا السرطانية بتأثير الإشعاع، يدمر الإشعاع المادة الوراثية في الخلايا، فيوقف انقسام الخلايا ما يؤدي إلى موتها. وتصبح الأورام أصغر حجماً أو تختفي نهائياً.

تأثير العلاج الإشعاعي المدمر للخلايا لا يكون محدداً، أي لا يمكن التحكم فيه وتوجيهه للتأثير على الخلايا السرطانية فقط، لذلك، تتأثر خلايا الجسم السليمة أيضاً. لكن أنظمة الإصلاح الخاصة بالخلايا السليمة تساعد في إصلاح الأضرار التي تلحق بالمادة الوراثية. أي أن المادة الوراثية في الخلايا السليمة تظهر قدرة على التعافي أكثر من الخلايا السرطانية. ما يؤدي إلى تجددها بشكلٍ طبيعي، في حين تموت الخلايا السرطانية ويتم القضاء عليها من قبل الخلايا المناعية في الجسم.

لإعطاء الخلايا السليمة الوقت الكافي لإصلاح الضرر الوراثي، يجب تقسيم جرعة العلاج الإشعاعي الكاملة التي يجب أن يتلقاها المريض إلى عدة جلسات (دورات علاجية)، وبين كل جلسة وأخرى هناك فترة راحة.

يختار الطبيب جرعة الإشعاع بناءً على حساسية الورم ومدى تأثره بالإشعاع. إذا كان الورم يتأثر بالإشعاع، فإن جرعة الإشعاع تكون بين 40 – 70 جراي، جراي هي واحدة قياس شدة الإشعاع، وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى الفيزيائي البريطاني وأب البيولوجيا الإشعاعية لويس هارولد جراي Louis Harold Gray.

عادة ما يتم تقسيم الجرعة الإجمالية اللازمة لتدمير الورم إلى أجزاء من 1.8 - 2 جراي. هذا يضمن تحمل الجسم لها ويقلل من مخاطر التلف الدائم والمضاعفات التي قد تحصل. ومع ذلك، فإن قابلية إصلاح الأنسجة السليمة تظل العامل المحدد لجرعة العلاج الإشعاعي.

تسمح التقنيات الجديدة التي تعرف باسم "العلاج الإشعاعي الدقيق" باستهداف نسيج الورم بدقة. بهذه الطريقة، يمكن حماية الأنسجة السليمة بشكلٍ أفضل.

في بعض الحالات، قد يحتاج المريض لتلقي جرعة كبيرة من العلاج الإشعاعي، حيث يتلقى جرعة عالية في غضون يوم واحد، هذا يسبب قتل عدد كبير من الخلايا السرطانية دفعةً واحدة. لكن الجسم يصبح مثقلاً بعدد كبير من بقايا الخلايا التي يجب التخلص منها.

العلاج الإشعاعي المُلطِف

يستخدم العلاج الإشعاعي المُلطِف لتخفيف الألم وأعراض السرطان الأخرى. وفيه يتم تعريض الأورام أو النقائل (الخلايا السرطانية التي تنتشر في الأعضاء الأخرى) والتي تسبب الأعراض للإشعاع. غالباً ما يتم ذلك خلال عدد قليل من الجلسات يتلقى فيها المريض جرعات عالية.

العلاج الإشعاعي الملطف فعال للغاية. من المحتمل جداً أن يخفف الألم أو يقلل انتشار الورم. وفي حالة وجود النقائل العظمية، يمكن أن يساعد في تحسين بنية العظام.

ما هي العلاجات الإشعاعية المتوفرة حالياً؟

من الممكن تطبيق العلاج الإشعاعي من خارج الجسم أو من الداخل باستخدام النويدات المشعة المغلقة. هناك أيضاً علاجات إشعاعية بالنويدات المشعة المفتوحة، والتي يتم إجراؤها في سياق الطب النووي.

العلاج الإشعاعي الخارجي

يتم تعريض السرطان للإشعاع من الخارج عن طريق الجلد. الأجهزة المستخدمة في الغالب هي مسرعات خطية. يستلقي المرضى على أريكة أسفل جهاز الإشعاع ويتم تثبيته لكي لا يتحرك. يكون جهاز الأشعة والسرير قابلان للتحرك بحيث يمكن تعديل اتجاه الإشعاع حسب الحاجة. حتى حركات تنفس المريض يمكن موازنتها بهذه الطريقة إذا لزم الأمر. في معظم الحالات، يتم إجراء العلاج الإشعاعي الخارجي على عدة جلسات.

لا يمكن استخدام نفس الإشعاع لعلاج جميع أنواع السرطان، فيما يلي توضيح لذلك:

  • العلاج الإشعاعي التقليدي: استخدام الحقول الإشعاعية التقليدية (ليست ثلاثية الأبعاد) لعلاج سرطان الثدي.
  • الإشعاع التوافقي (العلاج الإشعاعي ثلاثي الأبعاد): يتم توجيه الأشعة بأكبر قدر ممكن من الدقة إلى الورم لتقليل حجمه، وذلك بمساعدة الأغشية والمرشحات من أجل حماية الأنسجة المحيطة. يمكن للإشعاع التوافقي أن يستخدم لعلاج للأورام القريبة من الأعضاء الحيوية أو الهياكل التي يجب ألا تتضرر.
  • العلاج الإشعاعي المعدل الشدة (IMRT): هذا نموذج أخر من العلاج الإشعاعي ثلاثي الأبعاد، وهو يتيح إمكانية تغيير اتجاه الإشعاع بحيث تمر الأشعة بشكلٍ دائم عبر الورم، يمكن أيضاً تغيير شدة الإشعاع داخل الورم. يتم استخدام هذا النمط لعلاج سرطان البروستاتا وأورام المخ وأورام الرأس والعنق (الفم والحلق) وأورام الجهاز الهضمي والمنطقة التناسلية.
  • الإشعاع التجسيمي: في هذا النمط من العلاج، تضرب حزمة الإشعاع الورم بدقة متناهية من زوايا مختلفة، حيث يكون المريض إما ثابتاً أو يتم تطبيق التغييرات على الإشعاع حسب حركات تنفسه تلقائياً. فقط جرعة صغيرة من الإشعاع تضرب الأنسجة السليمة على طول مسار الإشعاع، بحيث يمكن تعريض الورم لجرعات عالية من الطاقة. يكون هذا العلاج دقيق للغاية، ويمكن مقارنته بالعلاج الجراحي الذي يستخدم لاستئصال الورم، لهذا السبب يُعرف هذا النوع من العلاج أيضاً باسم "الجراحة الإشعاعية"، الإشعاع التجسيمي مناسب لعلاج أورام المخ وأورام الرأس والعنق وكذلك الأورام والنقائل في الرئتين والكبد والبروستاتا والعمود الفقري.
  • العلاج الأيوني (البروتونات أو الأيونات الثقيلة): العلاج الإشعاعي بالبروتونات أو الأيونات الثقيلة التي تتباطأ عند اختراق الأنسجة وتصبح سرعتها أقل. يمكن التحكم في عمق توزيع الجرعة عن طريق تغيير طاقة الحزمة الإشعاعية. هذا يسمح بتركيز الإشعاع بشكلٍ أفضل على أنسجة الورم وتجنب الأنسجة السليمة. العلاج الأيوني مناسب تماماً لعلاج الأورام غير الحساسة للعلاج الإشعاعي التقليدي، مثل أورام قاعدة الجمجمة أو الأورام السحائية أو أورام الغدد اللعابية.
  • العلاج الإشعاعي أثناء الجراحة (IORT): يتم تعريض الورم مباشرة للإشعاع أثناء العمل الجراحي. أي بعد أن يزيل الجراحون كتلة الورم ويكشفوا الأنسجة المراد تعريضها للإشعاع، يتم هذا العلاج بحضور الجراح والمعالج بالإشعاع. وهو مناسب لعلاج الأورام في تجويف البطن لأنه يسمح بحماية الأعضاء المحيطة بشكلٍ جيد. يستخدم الإشعاع أثناء الجراحة أيضاً في سياق علاج سرطان الثدي لتقليل مدة العلاج الإشعاعي عبر الجلد.

يمكن الجمع بين العلاج الإشعاعي الخارجي والعلاج الكيميائي (العلاج الإشعاعي الكيميائي). حيث يزيد العلاج الكيميائي من حساسية الورم للإشعاع، مما يزيد من كفاءة العلاج الإشعاعي. ليست كل أدوية العلاج الكيميائي مناسبة للاستخدام مع العلاج الإشعاعي. يتطلب العلاج الكيميائي الإشعاعي الكثير من الخبرة والتنسيق في كلا الشكلين من العلاج.

العلاج الإشعاعي من الداخل

في العلاج الإشعاعي من الداخل، يتم وضع مصدر الإشعاع مباشرة على الورم أو في نقطة محددة في الجسم. ويكون مدى الإشعاع قصير ولا يتعدى عدة مليمترات. يمكن التحكم في جرعة الإشعاع من خلال تحديد وقت بقاء العناصر المشعة أو عن طريق تحديد مدة نشاطها وعمرها النصفي. بهذه الطريقة، يمكن تعريض أنسجة الورم للأشعة بجرعة عالية دون أن تتلف الأنسجة السليمة. العلاج الإشعاعي من الداخل مناسبة لعلاج سرطان عنق الرحم وسرطان البروستاتا وأورام الرأس والعنق.

الطب النووي

تُستخدم المواد المشعة في العلاج الإشعاعي للطب النووي، تبعث العناصر جزيئات بيتا أو تكون ذرات غير مستقرة تتحلل نواتها نووياً. يتم إدخالها إلى الجسم على شكل أدوية، وبعد أن تصل المواد المشعة إلى العضو المصاب وتدمر الخلايا المريضة فإنها تتفكك في غضون ساعات أو أيام. هذا النوع من العلاج الإشعاعي يفيد في علاج النقائل العظمية.

التحضير للعلاج الإشعاعي

يجب التخطيط بعناية للعلاج الإشعاعي حتى يكون فعالاً قدر الإمكان، ويجب أن يتم بحذر ودقة. يجب أن يتم تعريض الورم للإشعاع بأعلى جرعات ممكنة، وأن يتعرض النسيج السليم لجرعات منخفضة فقط.

قبل العلاج الإشعاعي، يجب تصوير الجسم المراد تعريضه للإشعاع باستخدام التصوير المقطعي المحوسب (CT). بهذه الطريقة، يتم قياس كثافة أنسجة الجسم. وفي الوقت نفسه، يتم تسجيل إحداثيات على الجسم، يمكن لاحقاً توجيه الإشعاع بحسب هذه الإحداثيات. في حالات خاصة، يتم إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لرؤية حدود الورم بشكلٍ أفضل. تتم قراءة الصور في كمبيوتر لتخطيط الإشعاع بحيث يمكن تحديد منطقة الجسم المراد تعريضها للإشعاع بدقة.

يتم إنشاء صورة ثلاثية الأبعاد وتحديد الترتيب الأكثر ملاءمة لحقول الإشعاع. وبمساعدة الكمبيوتر، يمكن حساب جرعة الإشعاع التي سيتم توجيهها على كل منطقة من الجسم.

مدة العلاج الإشعاعي

يختلف جدول العلاج الإشعاعي حسب نوع السرطان وحالة كل مريض. يمكن تطبيق العلاج مرة واحدة يومياً على مدار خمسة أيام متتالية تليها فترة استراحة لمدة يومين، لكن يمكن تغيير مدة التعرض وفترة الراحة من قبل المعالج الإشعاعي بعد مناقشة ذلك مع المريض. بالنسبة للمرضى الذين يستخدمون جهاز تنظيم ضربات القلب أو مزيل الرجفان، تنطبق شروط خاصة عليهم، والتي يجب توضيحها من قبل الطبيب قبل العلاج.

الآثار الجانبية المحتملة

نظراً لأن العلاج الإشعاعي يقتصر على منطقة معينة، فعادة ما تحدث الآثار الجانبية فقط في المنطقة المعرضة للإشعاع. يعتمد حدوث آثار جانبية حادة على جرعة الإشعاع وحساسية الأعضاء المراد تعرضها ومجال الإشعاع.

عادة ما تحدث الآثار الجانبية في سياق العلاج الإشعاعي موضعياً وتتعلق بالأعضاء المعرضة فقط وتستمر لفترة مؤقتة. يمكن أن تشمل الأعراض الحادة بعد العلاج الإشعاعي في منطقة الرأس والرقبة كل من التهاب الأغشية المخاطية في الفم أو المريء، واحمرار الجلد في مناطق الجسم المعرضة للإشعاع. يمكن أن يكون الغثيان أو التقيؤ أو الإسهال من الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي في منطقة البطن.

يمكن أن يعاني المريض من تساقط الشعر عند تعريض الدماغ للإشعاع، كما يمكن أن يسبب الإشعاع التعب والحمى وفقدان الشهية، ولكن هذه الأعراض عادة ما تكون مؤقتة.

يمكن أن تحدث ردود فعل لاحقة تشمل تصلب الأنسجة الدهنية تحت الجلد أو تغيرات في الجلد.

لعلاج الأثار الجانبية التي تصيب الجلد، ينبغي عدم التعامل مع أي شيء يسبب التهيج المحتمل مثل التعرض لأشعة الشمس أو المواد الكيميائية، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي أثناء وبعد العلاج.

الخلاصة

العلاج الإشعاعي جزء مهم وأساسي في علاج السرطان الناجح. أدى التطور التقني للعلاج الإشعاعي في السنوات الأخيرة إلى تحسين النتائج وتقليل الآثار السلبية طويلة المدى.

يمكن أن يكون العلاج الإشعاعي جزء من مجموعة علاجات يتم تطبيقها لعلاج السرطان. يتيح الجمع المنسق جيداً بين طرق العلاج المختلفة زيادة معدلات الشفاء وتحسين نوعية حياة مريض السرطان وتجنب الآثار السلبية قدر الإمكان.

  1. "العلاج الإشعاعي" ، المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية