;

ما هي الولادة القيصرية؟ وما هي مخاطرها؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الثلاثاء، 26 مايو 2020 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
ما هي الولادة القيصرية؟ وما هي مخاطرها؟

هل دخلت شهرك الأخير من الحمل، وبدأت صديقاتك بسؤالك عن الطريقة التي ستنجبين بها طفلك؟ تهانينا سيدتي على المولود الجديد في البداية، ولا داعي للقلق بخصوص عدم معرفتك بميزات وسلبيات الولادة القيصرية لأنك في نهاية هذا المقال ستكونين قد وصلت إلى فكرة عامة عنها، فما هي تلك العملية؟

 

ماهيّة الولادة القيصرية

تعرف الجراحة القيصرية (Caesarean Section) بأنها استخدام جراحة فتح بطن المرأة ومن ثم فتح الرحم؛ من أجل توليد الجنين، وهي تحدد منذ وقت مسبق للولادة إذا رأى الطبيب أنها مفضلة على الولادة الطبيعية، وعندها تدعى جراحة مجدولة (Scheduled Procedure) أو تجرى كحالة طارئة (Emergency Procedure) عند حدوث أحد اختلاطات الحمل أو المخاض بشكل مفاجئ.

تستخدم عمليات الولادة القيصرية للعديد من الأسباب التي سنأتي على ذكرها بالتفصيل، وهي غالباً ما تكون أسباباً صحية تكون فيها الولادة الطبيعية خطرة على صحة الحامل والجنين، أو لأغراض شخصية في أحيان أخرى، إلا أن منظمة الصحة العالمية (WHO) توصي بعدم إجراء العمليات الجراحية القيصرية إلا في حال وجود سبب طبي موجب لها.

تندرج العمليات القيصرية بشكل أساسي تحت عنوانين هما: القيصرية العمودية أو الطولانية (التقليدية)، والقيصرية الأفقية أو العرضانية (الحديثة)، وذلك بحسب تموضع الشق الجراحي الذي يجريه الجراح لفتح الرحم، وتتميز العمليات القيصرية الأفقية بإمكانية إجراء ولادة طبيعية في الولادات التالية بعكس القيصرية الطولانية التي توجب عليك اللجوء إلى الولادة القيصرية في كل حمل مستقبلي (ليس من الضروري أن تكون الندبة الجراحية الموجودة على بطنك موافقة لتلك التي أجريت على رحمك، فقد يحدث الطبيب شقاً عرضياً على بطنك ثم طولياً على رحمك لسبب ما يتعلق بتسهيل إجراء العملية، وهنا تعد العملية قيصرية طولانية لذلك من الضروري التأكد من الجراح بخصوص هذا الأمر).

 

ما هي دوافع إجراء الولادات القيصرية؟

العملية القيصرية المجدولة: هناك العديد من الأسباب الطبية التي قد تدفع الطبيب لتقرير إجراء عملية قيصرية لك حتى قبل الدخول في المخاض ببضعة أشهر، وهنا تكون الولادة القيصرية مجدولة كما ذكرنا، وهذه الأسباب تشمل:

  1. إذا خضعت في السابق لعملية قيصرية تقليدية (طولانية): إذ قد يؤدي المخاض في الولادة الطبيعية إلى حدوث تمزق في الرحم، لذلك لا بد من إجراء عملية قيصرية لجميع الحمول اللاحقة كما ذكرنا.
  2. إذا خضعت في السابق لعملية جراحية على الرحم (كاستئصال ورم حميد في العضلة الرحمية).
  3. إذا كنت حاملاً بطفلين أو أكثر: معظم التوائم قابلون للولادة الطبيعية دون مشاكل تذكر، لكن من الضروري التأكد من توضعهما بشكل ملائم للخروج دون أي مشاكل قبل الجزم باختيار طريقة الولادة، أما إذا كانوا 3 أطفال أو أكثر فيفضل أن تخضعي لجراحة قيصرية.
  4. إذا كان جنينك كبير الحجم: وهذا ما يدعى بالعرطلة (Macrosomia)، وهي تحدث غالباً إذا كنت مصابة بالداء السكري.
  5. إذا كان طفلك متوضعاً بشكل عرضاني ضمن الرحم: وفي بعض الحالات إذا كان رأسه إلى الأعلى (ولادة مقعدية).
  6. إذا كانت مشيمتك مركزية: المشيمة عضو مرتبط بالحمل تصل بين جسم الجنين والأم وتلتصق على جدار الرحم، فإذا كانت متوضعة في الأسفل على مخرج الرحم لا مجال للولادة الطبيعية أبداً.
  7. إذا كان جنينك مصاباً بتشوه أو عيب خلقي كبير: فمن الممكن في هذه الحالات أن يبقى ضمن الرحم دون أن يحاول الخروج أو أن يكون ضعيفاً على الولادة الطبيعية.
  8. إذا كنت تحملين فيروس نقص المناعي البشري (HIV): فالقيصرية تخفف من احتمال انتقال هذا المرض لجنينك.

القيصرية الإسعافية أو الطارئة: تجرى القيصرية بشكل إسعافي في حال حدوث طارئ يجعل استمرار المخاض أو حدوثه خطراً على صحتك أو صحة طفلك، ومن هذه الحالات:

  1. إذا توقف عنق الرحم عن التقلص أو إذا توقف الطفل عن الحركة عبر قناة الولادة باتجاه الخارج، ولم تنجح محاولات تحريض المخاض والتقلصات الرحمية في دفع الجنين نحو الخارج.
  2. إذا تدلى الحبل السري عبر عنق الرحم نحو الخارج وهذا ما يدعى بانسدال السرر (Umbilical Cord Prolapse) لأن أي ضغط على الحبل السري سيقطع وصول الأكسجين إلى الجنين؛ وبالتالي يجب الإسراع في فتح البطن وإخراجه.
  3. إذا بدأت المشيمة بالانفصال عن الرحم، وتعرف هذه الحالة طبياً بانفكاك المشيمة (Placenta Abruption)، مما يقطع الأكسجين عن الجنين أيضاً.
 

كيف تجرى العملية القيصرية؟

بعد أن يأخذ المخدر مفعوله، سيتم في البداية مسح بطنك بمحلول مطهر، وهذا الإجراء يجرى قبل جميع عمليات فتح البطن لتقليل احتمال إصابة مكان العملية بالإنتان، سيقوم الطبيب بعد ذلك على الأغلب بإجراء شق أفقي صغير بطول حوالي 10 سنتمترات فوق عظم العانة، ومن ثم سيخترق الجلد والأنسجة تحت الجلد ليصل إلى عضلات جدار البطن، وغالباً سيقوم بإبعاد تلك العضلات يدوياً بدلا من قطع أليافها؛ وذلك من أجل المحافظة عليها وتقليل فترة النقاهة بعد العملية.

عندما يصل الطبيب إلى الرحم، سيجري في الأغلب شقاً عرضانياً على الجزء السفلي من العضلة الرحمية، وهذا ما يعرف بالشق الرحمي السفلي المعترض (Low Transverse Uterine Incision)، وفي بعض الحالات قد يلجأ الطبيب إلى إجراء القطع التقليدي (الطولاني) إذا كان الجنين صغير الحجم ولم يملأ القسم السفلي من جوف الرحم.

بعد ذلك، يدخل الطبيب يده إلى الرحم ويخرج الطفل منه، بعد قطع الحبل السري يسلم الطبيب الطفل للأم لكي تراه لفترة قصيرة قبل أن تأخذه الممرضة إلى غرفة العناية بحديثي الولادة، في تلك الأثناء يقوم الطاقم الطبي بإتمام عمله بفحص المولود الجديد والتأكد من صحته وكونه قابلاً للحياة بشكل مثالي، يقوم الطبيب الجراح باستخراج المشيمة ومن ثم إغلاق الرحم والانتهاء من الجراحة.

تستغرق العملية حوالي 45 دقيقة حتى ساعة، وتجرى تحت التخدير الموضعي (القطني)؛ وهنا يحقن المخدر ضمن الحبل الشوكي لتخدير أسفل البطن بالكامل مع المحافظة على كامل الوعي، وهي طريقة مفضلة على التخدير العام من ناحية السهولة والأمان.

 

ماذا بعد العملية الجراحية؟

بالنسبة للخيوط الجراحية المستخدمة لتقطيب الرحم، فهي تنحل بعد فترة دون أي أثر داخل البطن، أما الخيوط الجراحية الخارجية المستخدمة في تقطيب جلد البطن والطبقات السطحية تحت الجلد فقد تحتاج إلى إزالة بعد التئام الجرح من قبل الطبيب (غالباً بعد العملية بـ 3 أيام حتى أسبوع).

بعد انتهاء تقطيب الرحم والجلد، ستذهبين باستخدام كرسي ذي عجلات إلى غرفة العناية بعد الجراحة، حيث تتم مراقبة علاماتك الحيوية والتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات للعملية الجراحية، وتستمر هذه المرحلة بضع ساعات بعدها تحضر الممرضة إليك طفلك من غرفة العناية بحديثي الولادة إذا كان سليماً ولا يحتاج للبقاء هناك أكثر، يمكنك هنا مشاهدة طفلك عن قرب واحتضانه أخيراً قدر ما تشائين، سيتم وضعك على التغذية الوريدية لمدة بضعة أيام لا يمكنك خلالها تناول أي نوع من الأطعمة.

 

ما هي إيجابيات العمليات القيصرية وسلبياتها؟

وبسبب التزايد الكبير في معدل إجراء الولادات القيصرية حول العالم، بدأ يتولد انطباع شائع لدى الناس بكونها عمليات روتينية وسهلة لا تحمل خطورة أو عناء، إلا أن خطورة إجراء العملية قد تعتبر مخاطرة محسوبة في حال وجود إحدى الحالات الموجبة للقيصرية (ذكرنا عدداً من تلك الحالات في السابق).

إيجابيات الولادة القيصرية

  • تجنب آلام الولادة: مع أن النقاهة من الجراحة القيصرية أصعب منها في الطبيعية، إلا أن تخيل الألم والمدة اللازمة لإجراء الولادة الطبيعية؛ قد يدفعك للتفكير بكون الولادة القيصرية تجري تحت التخدير وتستمر فترة وجيزة بالمقارنة بالمخاض الطويل والمؤلم.

  • تخفيض وفيات الأمهات والأجنة أثناء المخاض: فقبل بضعة عقود كان الأطباء ينصحون بإنهاء الحمل مباشرة لدى اكتشاف بعض العيوب الولادية التي تشكل خطرًا على حياة الجنين أو الأم عند الولادة الطبيعية، ولم تكن معدلات نجاح العمليات القيصرية مباشرة في البداية، إلا أنها تحسنت بشكل متسارع بسبب التقنيات الجراحية والتخديرية الحديثة التي قلصت معدل الوفيات والإصابات الدائمة بشكل كبير ومستمر.
  • وجود موعد معروف وثابت للولادة: إذا كنت تعيشين في حالة سفر وتنقل دائم، أو كانت طبيعة عملك تقتضي تحديد موعد مسبق لكل إجازة أو انقطاع، أو ببساطة إذا كنت تقيمين في مدينة أخرى للدراسة أو العمل وأحببت أن تضعي مولودك في مدينتك الأم وبين أهلك.

إذا كنت تشعرين بأن الظروف السابقة مشابهة لظروفك، فمما لا شك به أن تحديد موعد مسبق للولادة القيصرية سيكون أفضل لك من حدوث المخاض في وقت غير متوقع، إلا أن هذا الكلام ينطبق فقط على العمليات القيصرية المجدولة بالطبع، أما القيصريات الإسعافية فلا مجال لتوقعها وقد تأتي فجأة بعد بدء المخاض.

  • المحافظة قدر الإمكان على أبعاد المهبل وعنق الرحم: وهذا أحد الأسباب الأساسية التي تجعل النساء والأزواج على حد سواء يطالبون بإجراء عملية قيصرية حين لا يكون هناك استطباب حقيقي لها، فالولادة الطبيعية تعني خروج كامل رأس الطفل وجسمه من الطريق التناسلي وهذا ما يمنع الزوجين من ممارسة عملية جنسية مرضية لفترة تتراوح من عدة أسابيع حتى أكثر من شهرين.

سلبيات الولادة القيصرية

  • كونها عملاً جراحياً واسعاً: بالرغم من انتشارها الكبير الذي قد يجعلها تبدو كإجراء طبي روتيني لا يحتاج إلى الكثير من التفكير والتروي، إلا أن الولادة القيصرية هي بالنهاية جراحة بطن كبيرة، تحمل جميع المخاطر والآثار الجانبية التي قد تتوقعينها من أي جراحة مشابهة تتضمن شق جلد البطن والأنسجة المحيطة وتحريك العضلات تحتها، إضافة إلى سهولة احتمال إصابة الأحشاء المجاورة كالأمعاء والمثانة مثلاً.

تبلغ معدلات الوفاة نتيجة الولادة القيصرية في بلدان العالم المتحضر وفي الحالات قليلة الخطورة حوالي 13 لكل 100 ألف ولادة، وهذا الرقم يبدو صغيراً إلا أنه كبير بالمقارنة بوفيات الولادة الطبيعية التي تبلغ 3.5 من كل 100 ألف ولادة فقط.

  • الآثار الموضعية على جسد المرأة: في الولادة الطبيعية، تنفصل المشيمة التي تكون ملتصقة بالجدار الداخلي للرحم عنه وتخرج بعد خروج الجنين بحوالي نصف ساعة تقريباً، أما في الولادة القيصرية؛ فلا تتوفر الظروف المهيئة لانفصال المشيمة اللاحق للولادة، وقد تبقى المشيمة ملتصقة بشكل عميق ضمن جدار الرحم مما قد يستنزف كمية كبيرة من دم الأم، وقد يضطر الأطباء إلى استئصال رحم إسعافي لإنقاذ حياة الأم مما ينجم عنه عقم لا يمكن إصلاحه.
  • متلازمة الشدة التنفسية لدى الطفل: فالجنين في الولادة الطبيعية يتعرض أثناء خروجه من المهبل لضغط كبير يجعل جسمه يفرز هرمونات تدعى هرمونات الشدة ومن أهمها الأدرينالين والكورتيزول، مما يجعل رئتيه تنتفخ وتتمددان و لاستقبال الهواء والتنفس بصورة طبيعية، أما في القيصرية؛ فالجنين لا يتعرض لمثل هذا الضغط بل يخرجه الطبيب، وبذلك قد تبقى رئتاه منخمصتين ويبذل جهداً كبيراً مع كل نفس يأخذه مما يستلزم بقاءه في الحاضنة ومعالجته بالستيروئيدات لإكمال نضج الرئتين.

ختاماً؛ فالولادة القيصرية -مثل أي عمل جراحي آخر- تحتاج إلى تروٍّ في التفكير، واستشارة الطبيب وأخذ نصائحه بعين الاعتبار لأنه الأكثر دراية والأقدر على اتخاذ القرار المناسب لحالتك وصحة طفلك.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على ليالينا. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا