شوية حكايات 4 (من الشباك)

  • بواسطة: Omaima تاريخ النشر: الأحد، 05 مايو 2024
مقالات ذات صلة
شوية حكايات 3 (البداية)
شوية حكايات 2 (حب غير مشروط)
قصة حزينة مؤثرة لدرجة البكاء – حكاية

قررت أن أغير مكان مكتبي ليواجه الشرفة الخارجية معطية ظهري لباب المكتب معلنة انعزالي عمن يتواجدون خلف الباب فقد أصابني السأم من أفكارهم ونفاقهم البين مع بعضهم البعض لذلك رأيت في رؤيتي للشرفة وما يدور في الشارع من مارة وسيارات وشرفات البيوت حكايات أكثر ألفة ممن أعيش معهم في نفس المكان ..

وذات صباح ولنقل إنه يوم الأحد من بداية الأسبوع رأيتها في إحدى الشرفات وخمنت أنها تحتسي قهوتها بهدوء.. فهي في دور علوي مرتفع ولا أستطيع حتى ان أحدد معالمها.. ولكن لفت نظري هدوءها وجلوسها لمدة ساعتين اختفت بعدها عن ناظري عندما ذهبت أحضر أحد اجتماعاتي اليومية الاعتيادية.. ومر باقي اليوم وأنا أفكر فيها هل هي زوجة وأم  تنشد الهدوء تاركة منزل يعج بالفوضى هاربة من مسؤوليات ألقيت علي عاتقها بمجرد كتابة عهود الزواج وإلقائها في غيابات الجب من بعد ذلك ؟؟.. أم هي إحدى الفتيات التي خرجت عن مألوف جيلها الصاخب وجلست تتناول قهوتها الصباحية لتستكمل يومها بعد ذلك ..

حكايات كثيرة تراءت لي وخيال كان من فترة طويلة خامدا حتى جاءت هذه اللقطة فجعلتني أثبت وجودي الإنساني في الحياة وأفكر فيها وفي أحوالها .. وإن كان قلبي يميل إلى إنها فتاة خالية من أي ارتباطات تكبلها وإلا ما كانت تجلس ساعتين متواصلتين هكذا .. مر اليوم سريعا علي غير عادتي وذهبت إلى بيتي وقد تغير بي شيئا .. حتى برودة الحيطان .. الفراغ الذي يستقبلني في منزلي شعر بتغيري وكأنهما يسألاني عن جديدي المختلف في هذا اليوم..ذهبت في يومي التالي انتظر بشوق ولهفة ظهور هذه الجنية التي هبطت من السماء لتحيي فيا حياة ظننت أنها قد ولت وسقطت في بئر آليات هذا الزمن حتى ظهرت في نفس موعدها تماما العاشرة صباحا في نفس جلستها بفنجان قهوتها الذي أظن أنه رفيقها الصباحي الذي لا يبدأ يومها إلا به ..

اليوم تجرأت وأطلت النظر ولكني لم أر تفاصيل … يجب عليا ان أغير عدسات نظارتي فمنذ زمن بعيد لم أفكر في تغيرها .. من رفضي لرؤية من حولي بنفس الوجوه المتكررة ونفس أفكارهم وحياتهم وأحاديثهم فقد انزويت عنهم منذ فترة ولم يعد بي حاجة لرؤيتهم بصورة أوضح واكتفيت بعدسات تساعدني تجنب مشاكل الطريق وترشدني لمنزلي بجدرانه المعتادة وأشيائي التي لم أغير من أماكنها منذ فترة …

ولنعد لمحبوبتي .. مهلا هل سميتها محبوبتي وأنا حتى لا أستطيع رؤيتها بصورة واضحة احفر معالمها في ذاكرتي ؟؟ مهلا ماذا حدث لي وأي حالة تلك التي أحياها  .. لا يهم.. فقد مر بي زمن ليس بقصير لأشعر بهذه المشاعر .. ومرت أيامي التالية  هكذا حفظت مواعيدها من العاشرة الثانية عشر ظهرا تظهر فجأة وتختفي فجأة .. يصادف وقت ظهورها واختفائها اليومي ابتعادي عن شرفة مكتبي وقضاء بعض المهام اليومية في العمل .. ولكني اكتفى بظهورها واختفائها المفاجئ لربما شعرت بي أراقبها فاستحيت مني .. لا.. أو غضبت من تحديقي اليومي لها.. بل لربما ضايقتها وكدرت عليها اختلائها بفنجان قهوتها ورغبتها بالانفراد بنفسها وأنها تنشد هدوءاً سوف يهرب بعيدا في باقي يومها .. أصبحت أذهب لمنزلي مساء منتظرا  صباحا يلوح بالسعادة وتغيير بعد عني منذ فترة أو أنا خشيت منه فلم أعد أنشد منه خيرا ..ظلت نفسي أفتش في ملابسي عن أشياء لم أعد أرتديها… عن عطري المفضل ..عن تشذيب ذقني وشعيرات نافرة في رأسي أعدت مكانها.. وكثيرا حدثت لي نفسي الأمارة بالسوء هي لم  تراك ولم تبد أي اهتمام بك .. وكثيرا ما طردت وساوس لازمتني بالعودة لما كنت عليه من قبل رؤيتها…  ولكني أحببت نبض الحياة في جسدي أحببت الطريق إلى عملي..

أحببت جدران بيتي التي شعرت بما تغير في فأصبحت أكثر دفئا ..كل ذلك حدث بين عشية وضحاها وقد مر بي الكثير سابقا ولم أنشد التغيير واكتفيت بما عليه راض به وقد طغى عليا فلم أعد أبالي بحياتي أو جديد بها.. وها أنا ذا قد  قررت الذهاب للطبيب لتغيير عدسات نظارتي .. كي أستطيع  رؤيتها واجباً عن أسئلة كثيرة راودتني..وبالفعل غيرت نظاراتي واليوم ارتديت ملابس جديدة اشتريتها وقد مربي زمن طويلاً لم أشتر شيئا وشذبت ذقني وشعري وأغلقت باب منزلي لتنعم الجدران برائحة عطري التي خلفتها من ورائي.. ونزلت ركبت سيارتي ورأيت الطريق اليوم مختلفا هل حقا هو أيضا سعيد بعودتي إليه مبتسما وقد فارقت الابتسامة قلبي منذ زمن … فتحت مكتبي وجلست في انتظار العاشرة صباحا موعد قهوتها المعتاد …واليوم ليس لدي اجتماع خارج مكتبي فحتما سوف أسعد بلحظة دخولها.. انتظرت وأنا أسمع دقات قلبي والتي لم أعهدها منذ فترة ..حتى حانت اللحظة … وقد فسرت معالم شرفتها بعدساتي الجديدة ..ورأيت سيدة تحمل فراشا أبيض اللون تضعه علي كرسي وتضع عليه وسادة ربما لتنال قسطاً من الشمس ورأيتها تنظف أرجاء الشرفة في مشهد تقليدي لم أره في أيامي السابقة… نظرت لسيدتي التي لم تكن سوي فراش بوسادة تجلس متربعة علي كرسي مواجه لشمس تنعش ما مرت به في ظلام غرفتها الليلي… توقف عقلي عن التفكير لحظة… هل كل ما سبق كان حلما … هل كنت أحتاج قشة لا تعلق بها وأنجو بإنسانيتي من جب سيدنا يوسف.. هل أحببت حبي لشيء نسجته بخيالي ليذهب بي في رحلة للشفاء والتعافي ..نحن البشر نتلهف للصحبة ونتلهف للسؤال عن أحوالنا وكلمة طيبة تجبر بها خواطرنا قادرة علي إسعادنا…

يا الله هل كانت تلك رسالتك لي للعودة لمصاف البشر ..جلست لحظة في مقابل شرفتها.. وقررت العودة للحياة مرة أخرى .. فرسالتي كانت لأصحو من غفلة وضعت بها نفسي واستصعبت تغيرها.. عدلت وضع مكتبي لأرى شرفتها وأرى القادم علي باب مكتبي لأرحب به وأرحب بعودتي للحياة إنسانا …

شاهدي أيضاً: شوية حكايات …

  • المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.

    الكاتب Omaima

    أم و أمرأة ترى الواقع بكل مافيه جميلا و أن الحياة تستحق أن نحياها بجودة تليق بنا

    هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!

    انضموا إلينا مجاناً!