;

هل يمكن أن تشكل عملة البيتكوين تهديداً للدولار الأمريكي؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 17 يناير 2022
هل يمكن أن تشكل عملة البيتكوين تهديداً للدولار الأمريكي؟

أصبح من الواضح أن البيتكوين ليست مجرد موضة عابرة، ولكنها ابتكار مهم له آثار خطيرة محتملة على مستقبل الاستثمار والتمويل العالمي، فقد استخدم العالم الدولار الأمريكي كعملة احتياطية على مدار عقود، ومع ذلك، يعتقد بعض الناس أن تزايد شعبية البيتكوين يهدد هذا التفوق العالمي للدولار الأمريكي، حتى أن بعض الأشخاص حذروا من أن العملات الرقمية تهدد هيمنة الدولار الأمريكي على النظام المالي الحالي.

بشكل أساسي، ستحل عملة البيتكوين محل الدولار الأمريكي أو ستتدخل في غرضها كعملة احتياطية للعالم إذا نجحت وحققت هدفها، ولكن إذا فشلت هذه العملة الافتراضية فسوف يخسر العديد من المستثمرين أموالهم.

حاليًا، يعتقد بعض الخبراء أن هيمنة الدولار الأمريكي على العملات الأخرى لها فوائد عديدة خاصة الأمريكيين، على سبيل المثال: يولد البنك الاحتياطي الفيدرالي أرباحًا لخزانة الولايات المتحدة، علاوة على ذلك، تمكن هيمنة الدولار الولايات المتحدة من التأثير على إجراءات وسياسات الدول الأخرى باستخدام العقوبات الاقتصادية، لذلك، من المحتمل أن تفقد الولايات المتحدة مثل هذه الامتيازات إذا نجحت البيتكوين.

البيتكوين وعلاقته بالأسواق الناشئة

لاحظ الخبراء أن المصالح المتزايدة الخاصة بسوق تداول العملات الرقمية لها علاقة بالأسواق الناشئة، وقد دفع هذا المسؤولون في البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التساؤل عما إذا كانت عملة البيتكوين تهدد الدولار الأمريكي، بشكل أساسي، يفضل بعض المستثمرين في الدول النامية استخدام البيتكوين كأصل آمن لهم.

في الماضي، استخدم هؤلاء الأشخاص الدولار الأمريكي أو الذهب كأصل آمن لهم، ومع ذلك، تحل العملة الرقمية الرائدة محل هذه البدائل من خلال توفير الأمان لبعض المستثمرين في المناطق غير المستقرة، يناصر مستثمري العملات المشفرة البيتكوين لاستخدامه كمخزن للقيمة، حيث يمكن للناس شراؤه في حالة انخفاض قيمة العملات الورقية أو التحوط ضد التضخم.

بالنسبة لبعض الناس، فإن البيتكوين هي ذهب رقمي، بالإضافة إلى ذلك، تقدم البيتكوين طريقة للدفع مقابل الخدمات والسلع بنفس الطريقة التي يستخدمون بها النقود الورقية،لهذا السبب يسارع الكثيرون لشراء هذه العملة الرقمية من المنصات والتي تُعرف أيضًا باسم بورصات العملات المشفرة.

يشعر بعض المسؤولين في البنك الاحتياطي الفيدرالي بالقلق بشأن زيادة معاملات البيتكوين على هذه المنصات، كما يشعرون أيضًا بالقلق من أن المزيد من الأشخاص يتداولون عملة البيتكوين ويستثمرون فيها ويستخدمونها في المعاملات الدولية بدلاً من الدولار الأمريكي.

احتكار الدولار المتراجع

أعرب العديد من السياسيين عن مخاوفهم بشأن كيفية تأثير البيتكوين على الدولار الأمريكي، يشعر البعض بالقلق من أن لا أحد يعرف كيف سيتكشف المستقبل، في حين أن الدولار قد ارتد تاريخيًا بسبب دعمه لأكبر اقتصاد وسياسة مستقرة، فقد لا يكون التغلب على البيتكوين أمرًا سهلاً.

إذا استمر الناس في استخدام العملات الرقمية مثل البيتكوين، فسيكون لدى العالم المزيد من الوحدات النقدية وسيؤثر ذلك على استقرار الدولار الأمريكي وقد يكون التأثير أسوأ بسبب التقلبات العالية لعملة البيتكوين.

وإذا تم استبدال البيتكوين بالدولار الأمريكي على أساس منهجي طويل الأجل، فستقل الحاجة إلى الاحتفاظ بالدولار بينما سيزداد المعروض من النقود الورقية، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب على الدولار، وبالتالي سيؤثر على معدل التداول.

وعندما يحدث هذا، سيتعين على البنك الاحتياطي الفيدرالي تعويض تشديد السياسة النقدية للحفاظ على نفس مستوى التسهيل النقدي، قد يؤدي استخدام البيتكوين الكبير إلى جعل عملية الاستبدال أسرع، علاوة على ذلك، فإن الحكم على الموقف المناسب للسياسة النقدية لن يكون واضحًا.

بينما يستخدم بعض الأشخاص البيتكوين بشكل متزايد كوسيلة للتبادل، يجادل بعض الخبراء بأن العملة المشفرة قد لا تصبح أبدًا وحدة تخزين وحسابات ذات قيمة، علاوة على ذلك، تواجه العملة الرقمية الرائدة منافسة شديدة من دول مثل الولايات المتحدة التي لا تريد التخلي عن المركز المهيمن لعملاتها الورقية، في الوقت نفسه، تقوم بعض الدول والأفراد بتجربة البيتكوين، ومع ذلك، فإن الوقت فقط هو الذي سيحدد ما إذا كانت العملة الرقمية تهدد الدولار الأمريكي أم لا.

العملة الرقمية تعتبر تهديد كبير لتفوق الدولار

عندما هددت جائحة كوفيد 19 العالم كان أداء الدولار الأمريكي قويًا، وعلى الرغم من الحديث عن تعثر السيادة الأمريكية، فقد كان الدولار الأمريكي هو المسيطر على التجارة الدولية حيث لعب دور الوسيط، كما أنه لا يزال هو العملة الاحتياطية الأولي لأغلب البنوك المركزية في العالم.

وعند النظر إلى التاريخ، وتحديدًا منذ منتصف القرن 15 الميلادي كانت هناك خمس دول تتمتع عملتها بالنفوذ الواسع وهم البرتغال ثم إسبانيا وهولندا وفرنسا وبريطانيا، واستمر الحال على هذا النهج على مدار 94 عاماً، بينما استمر الدولار الأمريكي في هيمنته على سائر العملات حوالي 100 عام تقريبًا، الأمر الذي أثار التساؤل هل هذه المدة كافية لإنهاء هيمنة الدولار الأمريكي، في الواقع لا أحد يستطيع الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الحالي.

على مدار تلك المدة، ظهر متنافسون للعملة الأمريكية وهي اليورو الذي تم إنشاؤه في عام 1999 كعملة موحدة للاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لم تستطع العملة الموحدة أن تحل محل الدولار الأمريكي وتكتسب السيطرة منه، نظرًا للشكوك حول مدى قوة الحكومات في منطقة اليورو، كما أن الدولار الأمريكي أحبط محاولة وتطلع اليوان الصيني حول كسب الهيمنة، وذلك بسبب الخوف من سياسات الصين التي تتبع نظام دولة الحزب الواحد.

وبسبب الثقة الكبيرة التي تم منحها للدولار الأمريكي أصبح المسؤولون في الولايات المتحدة واثقين من إمكانية طباعة المزيد من الدولارات دون تقويض، كرد فعل على عمليات الإغلاق أثناء انتشار فيروس كورونا في 2020، الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار العجز الذي تعاني منه الولايات المتحدة ولكنه سيكون دون عواقب واضحة، لكن هذه الثقة الكبيرة التي تمتع بها المسؤولون لم تكن في محلها بقدر كافي، إذ بدأت العملات الرقمية في الظهور على الساحة، وبدأت في الانتشار بشكل شائع نظرًا لمزاياها المنفردة، فهي لا تخضع لسيطرة مركزية، وكانت في مقدمتها عملة البيتكوين.

شهدت عملة البيتكوين انتشارًا واسع النطاق خلال عام 2020 و2021، حيث زادت عمليات شراء العملة بكميات كبيرة ليرتفع سعره عاليًا من حوالي 7000 دولار في بداية عام 2020 إلى حوالي 69000 دولار في نوفمبر 2021، مما جعله أحد الاستثمارات الهامة والمميزة لعامي 2020 و2021.

كان الهدف من إطلاق العملة الرقمية الشهيرة في 2009 هو ترسيخ فكرة أنها تعمل بمثابة أصل آمن للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية والسياسية، لكن العملة واجهت الكثير من الصعاب والتشكيك في قوتها كأصل آمن، خاصة وأنها سعرها يتمتع بتقلبات عالية.

يعتقد خبراء أن العملات الرقمية ظهرت في مرحلة تحول بالنسبة للدولار الأمريكي، ففي عام 2019 تخطت ديون الولايات المتحدة 50% من إجمالي الناتج المحلي في إشارة أن البلاد تقف على شفا أزمة اقتصادية قادمة، ومع أزمة كوفيد 19 الاقتصادية والمبالغ الكبيرة التي اقتراضتها الحكومة في ظل عمليات الإغلاق زادت الديون لتصل إلى 67% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لتصل الولايات المتحدة إلى منطقة خطرة، إذا بدأت دول العالم فقد الثقة في دفع الولايات المتحدة لفواتيرها فمن المؤكد أن تكون هذه البداية لنهاية سيطرة الدولار وبداية لعهد جديد قد تكون فيه العملات الرقمية هي المسيطر الأول، على مدار التاريخ تعتبر هذه هي الطريقة التي فقدت بها العملات هيمنتها في الماضي.