;

متلازمة المثانة الخجولة: ثاني أكثر أشكال الاضطراب الاجتماعي شيوعًا!

  • تاريخ النشر: الأحد، 19 ديسمبر 2021 آخر تحديث: الأحد، 12 مارس 2023

عندما نكون على طريقِ سفرٍ، ونضطر للذهاب إلى الحمام للتبوّل، فإن الحمامات العامّة هي أول ما نلجأ إليه، وإذا لم نجد حمامات عامة، قد نلتجئ إلى أي مقهى أو مكان عام، وهناك أناسٌ يمكنهم إفراغ مثانتهم ببساطة في الهواء الطّلق! ولكن إليك المفاجأة: بالنسبة للعديد من الأشخاص، فكل الخيارات السابقة ليست متاحة، إنها أمكنة تبدو مستحيلة للتبوّل فيها بالنسبةِ لهم. هؤلاء الأشخاص مصابون بما يسمى "متلازمة المثانة الخجولة".

تعريف متلازمة المثانة الخجولة

متلازمة المثانة الخجولة، وتُسمّى أيضًا "بزل البول"، أو كما تسمى علميًا "باروريسيس (Paruresis)"، وهي الحالة التي يواجه فيها المصاب مشكلة في التبوّل، سواء في مرحاضٍ عام، أو في حمام منزل شخص آخر (صديق أو قريب)، أو حتى في بيته إذا كان هناك غرباء في منزله! عندما يتحسس مصاب متلازمة المثانة الخجولة وجود أي شخص آخر غيره في المكان، ببساطة لا يقدر على التبوّل، ويحتاج إلى الرجوع إلى منزله سريعًا لقضاء حاجته.

بحسب الإحصائيات، يعاني ما يصل إلى 20 مليون أمريكي من الباروريسيس، تؤثر هذه المتلازمة على حياة المصاب الشخصية والاجتماعية والمهنيّة، لأنه يجد صعوبة بالغة في البقاء فترة طويلة خارج المنزل، لذا يتجنّب الحفلات، المواعيد، الأحداث المختلفة، وقد يحدّ ذلك من خياراته الوظيفية، إذا كان دوامه طويلًا، فقد يتخلّى عن الوظيفة لصالح راحته الجسدية في التبوّل!

أسباب الإصابة بمتلازمة المثان الخجولة

يتعاون الضرر النفسي مع الجسدي، لتتشكل متلازمة المثانة الخجولة، فيبدأ الأمر نفسيًا بموقف قديم قد حدث معك سابقًا جعلك ترهَب التبوّل في أي مكان يتوجد فيه أشخاص، ربما عندما كنتَ طفلًا، تأخّرت حتى اعتدت على استخدام الحمّام، لذا كان ينتقدك والدك بشكلٍ كبير، سواء بينكما أو أمام الناس، وهذا ما يشكّل عقدة لديك، وتصبح خجولًا حتى في أن تستأذن لتذهب إلى الحمام.

تتضمن الأسباب النفسية الأخرى الأذية النفسية التي قد تعرّضت لها في المدرسة عندما قام صديقك بتخويفك، أو السخرية منك أمام الجميع في الحمام، هجم عليك أحدهم في الحمام بينما أنت في الداخل تتبوّل، وتسببَ في إحراجك أمام مجموعة أخرى، وفي أسوأ الأحوال، قد تكون تعرّضت لاعتداء جنسي في دورة المياه، بالتالي لديك فوبيا من دخول الحمامات أمام أحد.

تُتَرجَم هذه الأسباب النفسية إلى جسدك على شكل قلق من الموضوع في البداية، يتحول إلى مشكلة في أجزاء الجسم، في الجهاز البولي. عندما يتملّكك القلق، يمتلئ جزء من جهازك العصبي بالأدرينالين، وتخذلك عضلات المصرّة التي تتحكّم عمليًا في تدفّق البول من المثانة، فبينما يجب أن تمنحك الإذن في التبوّل، ستشعر أنها تتجمّد وكأن أحدًا يسدّها، ستُغلق المصرّة العاصرة، وكلما حاولت أكثر، كلما زاد رفض المصرّة بالسماح للبول بالتدفّق.

إذًا يتبيّن أن هذه الحالة ليست مرضيّة تمامًا، بمعنى لا تتعلق بمشكلة في الجهاز البولي وليس هناك شيٌء غريب في المسالك البوليّة، بقدرِ ما هي نفسيّة، ولذا صُنّفت متلازمة المثانة الخجولة ثاني أكثر أشكال الاضطراب الاجتماعي شيوعًا بعد رهاب التكلّم أمام الجمهور (الغلاسوفوبيا). تؤثر هذه المتلازمة على الرجال والنساء على حدٍّ سواء، ولكنها أكثر شيوعًا لدى الرّجال. الخبر الجيّد هنا أنه يمكن السيطرة على هذه الحالة بالعلاج. [1]

كيف نعرف أن شخصًا ما يعاني هذه المشكلة؟

من الواضح مما سلف ذكره أن الشخص المصاب بالباروريسيس يمتلك شخصية خجولة، وحسّاسة، وتخشى أن تُطلَق عليها الأحكام والانتقادات، لذا تراها تميل إلى الانفراد وعدم الاختلاط. طبعًا تأتي المعاناة من متلازمة المثانة الخجولة في درجات، فهناك بزل البول الخفيف، والمتوسط، والشّديد!

تشمل أعراض الإصابة بالباروريسيس الشديد ما يلي:

  • لدى المصاب خصوصيّة تامة في كل شيء، وبخاصّة عند الذهاب إلى المرحاض، حتى أمام أقرب الأشخاص إليه.
  • الخوف من أن يسمع أيّ أحد صوت تبوّله (ذاك الصوت الذي ينشأ من تلاقي انصباب البول في الماء الموجود في المرحاض).
  • الخوف أن يشمّ أحدهم رائحة بولِه.
  • الشعور بالقلق عند الحاجة للذهاب إلى المرحاض.
  • كما أشرنا سابقًا، عدم القدرة على التبوّل في أي حالة تشكل وجود أحدٍ ما في المكان: المراحيض العامة، منزل أي أحد آخر غير منزله، وفي منزله عند وجود ضيوف، وعدم القدرة على التبول في أي مكان إذا كان أحدٌ ما ينتظر دوره خارج المرحاض.
  • تجنّب السّفر وحضور المناسبات الاجتماعية بأي شكل.
  • لا يشرب كثيرًا، ويتجنّب الإكثار من المشروبات ليقلل حاجته للتبوّل.
  • يصل ببعضهم الأمر إلى أن يتكلّم مع نفسه، يوجّه لذاته كلامًا سلبيًا يمنعه من التبوّل: "لا أستطيع فعل ذلك، يا لي من أحمق كيف سأتبوّل هنا؟ يجب أن أعود إلى المنزل وسأتبوّل هنا، هذا مستحيلٌ هنا!).

تشخيص متلازمة المثانة الخجولة

لا يمكن تشخيص أيّ حالة يكون فيها الفرد غير قادر على التبوّل على أنها حالة اضطراب اجتماعي، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تعيق الظروف الفسيولوجية المختلفة عملية التبوّل، مثلًا: يمكن أن يؤدي مرض التهاب البروستاتا إلى صعوبة التبوّل بالنسبة للرجال المصابين، لذا بالتأكيد يجب مراجعة الطبيب في مثل تلك الحالات ليجري عدة اختبارات للتأكد من عدم وجود أي عيب جسدي في المسالك البولية.

بشكلٍ عام، يتم تشخيص المرض عن طريق التبول بنجاح في المنزل، يطلب منك الطبيب اختبار التبول بمفردك في المنزل، فإذا تمّ الأمر بلا أي أوجاع أو مشاكل، فأنت تعاني من متلازمة المثانة الخجولة. طبعًا هنا وبشكلٍ مبدئي، يقترح الطبيب أدوية على شكل مهدّئات، والتي ستقلل القلق ولكن لن تعالج حالتك. [2]

اقتراحات العلاج

كما قُلنا، كون المرض نفسي أكثر منه جسدي، فيشمل العلاج خيارات بعيدة عن الأدوية ومضادات الاكتئاب. قد يكون من المفيد زيارة طبيب نفسي ليتحكّم بطريقة علاجك أكثر، وتشمل طُرُق العلاج: تقنيات الاسترخاء؛ إذ تساعد تقنيات الاسترخاء على تقليل القلق وكسر حاجز الخوف تدريجيًا، والعلاج السلوكي المعرفي، ويتضمن مجالسة طبيب مختصّ ليغيّر من طريقة تفكيرك وتصرّفاتك بالإقناع، وأهم تقنيات العلاج هي العلاج التدريجي للتعرّض.

العلاج التدريجي للتعرّض

حسب الإحصائيات، يساعد العلاج التدريجي للتعرض 8 من كل 10 أشخاص مصابين بمتلازمة المثانة الخجولة، ويتضمن العلاج بهذا البرنامج محاولة التبوّل عمدًا في أماكن صعب التبول فيها بالنسبة للمريض، مثل استخدام دورات المياه تدريجيًا في ظروفٍ متزايدة الصّعوبة، مرّة بوجود شخص خارج الحمام ولكن بالقرب منه، ومرة بوجوده داخل الحمام، وهكذا، ويتم إجراء هذا العلاج بإشراف معالج سلوكي بالطبع.

ستحتاج خلال هذا العلاج ما يلي:

  • صديق أو قريب تثق به، ليكون هو الشخص الذي سيساعدك (بإشراف المعالج).
  • يجب أن تخصص مرتين في الأسبوع للتدريب، ساعة في كل مرة على الأقل. لا تستغرب من كونك ستحتاج هذا الوقت كلّه، فأنت ستحاول التبوّل، ولن تنجح ربما في المرات الأولى، ستحاول مرات عديدة بينها أوقات استراحة حوالي 3 دقائق.
  • اختيار مواقع مريحة بالنسبة لك لإجراء ذلك.
  • حاول تدوين قائمة بالمواقع التي تسبب لك الرّهبة من التبول، ورتّبها حسب الأخطر بالنسبة إليك. رتب أيضًا المراحل التي تجتازها خلال المعالجة، مثلًا: التبول بينما هناك شخصٌ في الخارج، ثم التبول بينما هو يقف بجوار باب الحمام، وهكذا.
  • يجب ألا تستخدم أسلوب مسايرة نفسك، مثل أن تتهرب من الموضوع بتشغيل الصنبور أو محاولة إحداث ضوضاء، لن يفيد ذلك إلا في إطالة وقت المعالجة. [3]
  1. "ما هي المثانة الخجولة؟" ، موقع ويب إم دي
  2. "متلازمة المثانة الخجولة" ، وزارة الصحة، حكومة ولاية فيكتوريا، أستراليا
  3. "علاج متلازمة المثانة الخجولة" ، موقع Very Well Mind
تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!