;

فيودور دوستويفسكي مريض الصرع بكارامازوف والمشتت بين الجريمة والعقاب

  • Qallwdallبواسطة: Qallwdall تاريخ النشر: الثلاثاء، 16 أغسطس 2022
فيودور دوستويفسكي مريض الصرع بكارامازوف والمشتت بين الجريمة والعقاب

فيودور دوستويفسكي، هو اسم لامع لروائي وفيلسوف يعتبر هو أشهر من أنجبته روسيا في القرن الـ18 وربما في تاريخها. حيث ارتبط اسمه بأعمال يشار إليها بالبنان مثل الإخوة كارامازوف وكذلك الجريمة والعقاب التي كشفت عن الصراع النفسي بين شهوة المال والضمير، وغيرها من الروائع التي نوضحها عبر مشوار حياة هذا الأديب.

نشأة فيودور دوستويفسكي

ولد فيودور دوستويفسكي في الـ11 من نوفمبر لسنة 1821، في العاصمة الروسية موسكو، حيث نشأ وسط أسرة متوسطة الحال، يقودها أب طبيب يتسم بالانضباط وأم داعمة عرفت بتدينها.

تربى دوستويفسكي الصغير على قصص وروايات حكيت له من جانب والدته وكذلك خادمته، الأمر الذي أثر في تكوين خيال الروائي الروسي منذ كان طفلا صغيرا، فيما تطور بمرور الوقت مع قراءته لمؤلفين كبار أمثال بوسكين وكرامزين ووالتر سكوت.

عانى دوستويفسكي عدم التأقلم بسهولة مع زملاء الدراسة، منذ أن كان طالبا في مدرسة شيرماك الداخلية وحتى الانضمام لمعهد الهندسة العسكرية المعروف باسم نيكولايف في مرحلة شبابه، لذا انغمس في عالم الأدب والروايات، مفضلا قضاء بعض من الوقت بين الفقراء الذين ساعدهم، بدلا من الجلوس رفقة الأرستقراطيين، علما بأنه عانى منذ الصغر مرض الصرع الذي كشف عن تفاصيله بواحدة من أشهر أعماله لاحقا.

كتب فيودور دوستويفسكي

سنحت الفرصة لدوستويفسكي في عمر الـ 22 من أجل العمل كمهندس برتبة ملازم، إلا أنه لم يستمر في تلك الوظيفة إلا لسنوات قليلة، حيث رأى أن تركيزه على العمل الأدبي سوف يأتي بثماره سريعا، وهو ما تحقق فعليا مع إصدار رواياته الأولى تباعا، وفي مقدمتها رواية «القوم الفقراء» في سنة 1846، والتي أشاد بها بعض الكتاب باعتبارها أولى الروايات الاجتماعية التي تصدر في روسيا.

لم تحقق الروايات التالية نفس نجاح عمله الأول، فما بين رواية «الشبيه» وعدد من القصص القصيرة، شعر دوستويفسكي بالحزن لعدم تكرار الإنجاز الأول، فيما زادت الأمور سوءا مع إلقاء القبض عليه بتهمة الانضمام لرابطة أدبية معارضة للحكم، حيث كان على وشك أن يتعرض للإعدام إلا أن قرار العفو عنه حول عقوبته إلى النفي لـ4 أعوام في سيبيريا.

كانت فترة النفي والاعتقال قاسية على الروائي الشاب، لكنها ساهمت في إخراج أروع ما في داخله من إبداع فني، حيث صدر له بعد إطلاق صراحة رواية «بيت الموتى» في سنة 1861، والتي كانت بمثابة النقل الحي لأجواء معتقل سيبريا القاسية، ليكشف بعدها بـ3 أعوام عن رواية «رسائل من تحت الأرض»، المعروفة بأنها أم الروايات الوجودية، والتي عرفت بتأثيرها على كبار الفلاسفة وعلى رأسهم جان بول سارتر.

كذلك نشرت له روايات «الأبلة» و«الشياطين» في الأعوام اللاحقة، وهي أعمال لقيت النجاح الكبير، إلا أنها لا توازي قيمة الرواية التي سبقتهما باعتبارها سر شهرة دوستويفسكي حتى وقتنا هذا، وهي «الجريمة والعقاب».

دوستويفسكي الجريمة والعقاب

ارتبط اسم فيودور دوستويفسكي منذ ستينيات القرن الـ19 وربما حتى وقتنا هذا، بروايته الشهيرة «الجريمة والعقاب»، فبينما صدرت في سنة 1866، فإنها لقيت نجاحا ملحوظا ساهم في زيادة أعداد القراء في بلاده.

ناقشت رواية الجريمة والعقاب من مفهوم نفسي، ذلك الصراع بين تحقيق الغاية بأي وسيلة ممكنة أو متاحة، وبين الشعور بالذنب بعد الوصول للهدف المراد بأي ثمن، حيث صاغ دوستويفسكي تلك المعاني عبر قصة شاب فقير ارتكب جريمة قتل بحق سيدة ثرية معدومة الضمير أملا في سرقتها، لكنه فوجئ بنفسه لاحقا وهو يعاني عذاب الشعور بالذنب، وهو الشعور الذي تغلب عليه في النهاية.

الإخوة كارامازوف

ليست رواية «الجريمة والعقاب» وحدها ما خطفت قلوب القراء في روسيا وغيرها من بلاد العالم، بل كذلك رواية «الإخوة كارامازوف»، التي تعد آخر روايات الفيلسوف الشهير.

صدرت رواية «الإخوة كارامازوف» في عام 1880، بعد نحو عامين من الكتابة فيها، ما يفسر طولها مقارنة بأعماله الأخرى، لكنها استحقت في كل الأحوال هذا الجهد نظرا للنجاح لباهر الذي حققته.

تحكي تلك الرواية عن الصراع النفسي مع بعض الأخلاقيات مثل الإيمان والشكوك، عن طريق قصة 3 إخوة أحدهم كان يعاني الصرع، إذ بدا وأن دوستويفسكي أراد أن يلقي بظلاله على هذا المرض الذي عاناه الكاتب نفسه منذ كان صغيرا، لكنه لم يمنعه من تحقيق الشهرة والنجاح المبهر.

وفاة فيودور دوستويفسكي

بعد أن صدرت رواية «الإخوة كارامازوف» بأشهر بسيطة، بدأت معاناة دوستويفسكي من المرض الشديد، حتى جاء يوم الـ9 من فبراير لسنة 1881، والذي أعلن خلاله عن وفاة الفيلسوف الروسي عن عمر يناهز الـ60، متأثرا بنزيف في الرئة.

رحل فيودور دوستويفسكي عن عالمنا بعد أن أبدع عبر مجموعة من أروع الأعمال الأدبية، التي ناقشت للمرة الأولى حينها مشكلات البشر العادية ولكن من جوانب نفسية غامضة، ليترك للعالم كنزا من الروايات الأدبية، ويتحول منزله إلى متحف ضخم بعدما صار هو الشاهد الأول والأخير والباقي لإنجازات هذا الروائي العملاق.