;

فوائد الصيام للجسم

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 12 أبريل 2022 آخر تحديث: الخميس، 23 مارس 2023
فوائد الصيام للجسم

يُعدُّ الصيام أحد النظم الغذائية الشائعة في الفترة الأخيرة، وكثيراً ما يتم الخلط بينها وبين أنواع الصيام الأخرى، لا سيما الصيام في رمضان، سنتعرف في هذا المقال على كل منهما وآثاره الإيجابية على الجسم.

نظرة عامة عن الصيام

يُعرَّف الصيام (بالإنجليزية: Fasting) على أنه الامتناع الطوعي عن بعض الأطعمة والمشروبات أو كلها لمدة معينة من الزمان تختلف باختلاف نوع الصيام، أمّا الصيام في رمضان، فهو الامتناع عن الطعام والشراب لمدة تتراوح ما بين 29 إلى 30 يوماً، ويُصام فيه عن الطعام والشراب وبعض السلوكيات الأخرى ابتداءً من طلوع الفجر حتى غروب الشمس.

أثبتت الدراسات أن الصيام استراتيجية غير دوائية فعالة في مواجهة بعض الأمراض، فمن وجهة نظر فسيولوجية نجد أن الصيام يشكل تغيرات كيميائية حيوية، حيث تؤثر على الجسم في جوانب عدة، مثل: تغيير مستويات الهرمونات، وتقليل الإجهاد التأكسدي والالتهاب، وزيادة مقاومة الإجهاد، وتحلل الدهون، والكثير من التأثيرات الأخرى التي سنسلط عليها الضوء في هذا المقال.[1]

فوائد الصيام صحياً

يعود الصيام بأنواعه المختلفة بآثار إيجابية وفوائد كثيرة لصحة جسم الإنسان، نذكر منها ما يأتي:[2]

ضبط مستويات السكر في الدم

يعزز الصيام التحكم في نسبة السكر في الدم عن طريق تقليل مقاومة الإنسولين، هذا ما أظهرته إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني حيث أدى الصيام المتقطع قصير المدى إلى تقليل مستويات السكر في الدم بشكل كبير، كما أوجدت دراسة أخرى أن الصيام المتقطع (بالإنجليزية: Intermittent fasting) وصيام اليوم البديل (بالإنجليزية:Alternate-day fasting) ساهما بشكل كبير في الحد من تناول السعرات الحرارية، مما أدى إلى زيادة تحسن الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin sensitivity)، مما يسمح له بنقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا بشكل أكثر كفاءة.

مكافحة الالتهابات

يعد الالتهاب الحاد (بالإنجليزية: Acute inflammation) عملية مناعية طبيعية يقوم بها الجهاز المناعي لمكافحة العدوى، إلا أنّ استمرار الالتهاب على المدى الطويل يجعل منه التهاباً مزمناً (بالإنجليزية: Chronic inflammation) الأمر الذي قد يكون له آثاراً سلبية على جسم الإنسان، حيث يساهم في تطور الحالات المُزمنة، مثل: أمراض القلب، وبعض أنواع السرطان، والتهاب المفاصل الروماتويدي.

تظهر إحدى الدراسات التي أجريت على 50 مشاركاً من البالغين الأصحاء أن الصيام المتقطع لمدة شهر يقلل من مستويات علامات الالتهاب بشكل ملحوظ، وفي دراسة أخرى صام فيها المشاركين لمدة 12 ساعة خلال شهر واحد، كان لذلك التأثير نفسه في مكافحة الالتهاب.

يعزز صحة القلب 

يلعب الصيام دوراً هاماً في تعزيز صحة القلب عن طريق تحسين ضغط الدم، ومستوى الدهون الثلاثية ومستويات الكوليسترول، التي يؤدي اضطرابها إلى الإصابة بأمراض القلب، وتجدر الإشارة هنا أنَّ أمراض القلب تعتبر من الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث تمثل ما يقارب 31.5% من الوفيات عالمياً، ولتقليل خطر الإصابة بها ينُصح بتغيير النمط الغذائي عن طريق الصيام، حيث وُجدَ أن تغيير النط الغذائي من أكثر الطرق فعالية للحد من خطر الإصابة.

أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على 4629 مشاركاً أن الصيام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي (بالإنجليزية: Coronary artery disease)، فضلاً عن انخفاض خطر الإصابة بمرض السكري، كما كشفت دراسات أخرى أن ثمانية أسابيع من الصيام قللت من مستويات الكوليسترول الضار (بالإنجليزية: LDL) والدهون الثلاثية (بالإنجليزية: Triglycerides) في الدم بنسبة 25% و 32% على التوالي.

يدعم صحة وظائف الدماغ

كشفت بعض الدراسات أن الصيام يحسن الإدراك، ويوقف التدهور المعرفي المرتبط بالعمر، كما يقلل من تلف الدماغ ويعزز التعافي الوظيفي في مرحلة ما بعد السكتة الدماغية، وأظهرت بعض الدراسات التي تم إجراؤها على الحيوانات عن وجود علاقة ما بين الصيام و تعزيز وظائف الدماغ بمنع  اضطرابات التآكل العصبي أو التنكّس العصبي  (بالإنجليزية: Neurodegenerative Disorders)، حيث يمكن للصيام أن يزيد من إنتاج الخلايا العصبية للمساعدة في تعزيز الوظيفة الإدراكية.

كما أنه يساعد أيضاً في تخفيف الالتهاب، الأمر الذي يساهم في الحد من تطور الأمراض التنكّسية، مثل: مرض ألزهايمر (بالإنجليزية: Alzheimer"s disease) ومرض باركنسون (بالإنجليزية: Parkinson"s disease) على الرغم من أن الدراسات التي تم إجراؤها اقتصرت على الحيوانات، إلا أن الباحث أفاد أن أثر الصيام على وظائف الدماغ هو الأكثر دهشة بين الفوائد، وحسب البيانات الحالية فمن المتوقع أن يكون أثر الصيام على الإنسان يكمن في تحسين الأداء المعرفي، وتعزيز دقة الاتصال بين مناطق الدماغ المهمة للإدراك.[3][4]

يساعد على خسارة الوزن

يعتبر الصيام وسيلةً سهلة وسريعة لخسارة الوزن عن طريق الحد من تناول السعرات الحرارية وزيادة التمثيل الغذائي والأيض (بالإنجليزية: Metabolism)، فعند دخول جسمك في حالة الصيام سيقوم باستهلاك الجلوكوز في كبدك لاستخدامه كمصدر للطاقة، من خلال تحويل الدهون إلى أجسام كيتونية، مما يساعد في خسارة الدهون.

كما وجدت بعض الأبحاث أن الصيام يعزز عملية الأيض عن طريق زيادة مستويات الناقل العصبي نورإبينفرين (بالإنجليزية: Norepinephrine)، كما يؤدي الامتناع عن تناول بعض الأطعمة والمشروبات إلى تقليل إجمالي السعرات الحرارية، مما يساعد على زيادة فقدان الوزن بمرور الوقت، مع الحفاظ على الكتلة العضلية في الجسم عند مراعاة تناول الوجبات الكافية أثناء الفترة المفتوحة للطعام.

زيادة بعض الهرمونات المهمة للنمو

تُظهر الأبحاث أن الصيام يزيد من إفراز هرمون النمو (بالإنجليزية:Human growth hormone  or HGH)، وهو نوع من أنواع الهرمونات البروتينية الأساسية التي تلعب دوراً حيوياً مهماً في جسم الإنسان، فهو المسؤول عن عملية النمو، والتمثيل الغذائي، وفقدان الوزن، وقوة العضلات، حيث يساعد الصيام في الحفاظ على ثبات مستويات السكر في الدم والإنسولين على مدار اليوم، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين مستويات هرمون النمو.

يعزز الجهاز المناعي

تشير إحدى الدراسات التي تم إجراؤها في هذا السياق أن الصيام لفترات طويلة قد يكون فعالاً في تَجدد الخلايا المناعية، فعند دخول الجسم في مرحلة الجوع يحاول أن يتجاوز ذلك بتوفير الطاقة، ومن أحد الأشياء التي يمكنه القيام بها لتوفير الطاقة هو إعادة تدوير الكثير من الخلايا المناعية غير الضرورية.[5]

يدعم صحة الجهاز الهضمي

يساعد الصيام في تحسين أداء الجهاز الهضمي (بالإنجليزية: Digestive system)، خصوصاً لدى مرضى متلازمة القولون العصبي (بالإنجليزية: Irritable Bowel Syndrome or IBS)، وذلك لأن أنماط الصيام يمكن أن تساعد في تعزيز بعض الآليات المهمة التي تُحسن من أعراض القولون العصبي، خاصةً عندما يكون السبب المشتبه فيه أو المؤكد للإصابة بالحالة هو النمو الزائد للبكتيريا المعوية الدقيقة.

كما أن الصيام يلعب دوراً مهماً في مكافحة الالتهاب، وله آثار إيجابية ملحوظة في تشافي الأمعاء من خلال تنشيط آلية الالتهام الذاتي للخلايا (بالإنجليزية: Autophagy)، وهي عملية طبيعية تتحلل من خلالها الخلايا التالفة وتجدد نفسها، الأمر الذي يؤثر إيجابياً في تحسن أعراض القولون العصبي.[6]

يدعم الصحة النفسية 

أجريت إحدى الدراسات أثناء شهر رمضان على مجموعة من الممرضات لقياس مدى تأثير الصيام على صحتهم النفسية وتقييم تأثير الصيام على ردود أفغالعم الانفعالية، وأظهرت النتائج أن مستويات القلق والاكتئاب والتوتر انخفضت بعد شهر رمضان مقارنة بما قبله.[7]

فرصة للإقلاع عن التدخين

يشمل الصيام في رمضان الامتناع عن الطعام والشراب والتدخين طوال فترة الصيام، يكمن التحدي في الاستمرار بالإقلاع عنه بعد فترة الإفطار وبعد انقضاء شهر رمضان أيضاً، وتشير ملاحظات الأبحاث أن هناك انخفاض في معدل التدخين بعد رمضان، مما يعني أن التدخل السلوكي المُعتَمِد على الصيام  كان فعّالاً في الإقلاع عن التدخين.[8]

محاذير مهمة للصيام

يعد الصيام آمن بشكل عام لجميع الأفراد الأصحّاء سواءً كان صياماً دينياً أو صياماً من الأنواع الأخرى، إلا أنّ هناك فئات معينة يجب عليها الحذر عند تخطيطها للصيام واستشارة الطبيب لتقييم مدى أمانه عليهم، على سبيل المثال: 

  • المصابون بالأمراض المزمنة: يمكن للصيام أن لا يتناسب مع بعض المرضى؛ لذا من الضروري لمقدمي الرعاية الصحية أن يكونوا أكفاء ثقافياً لمراعاة هذه الحالات، وتشمل: مرضى السكري، المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرضى الجهاز الهضمي، ومرضى الكلى.[9]
  • فئة الأطفال: يُنصح باستشارة الطبيب بشأن صيام الأطفال، إذ لا توجد أدلة كافية حتى الآن حول مدى أمان صيامهم خصوصاً إن كانوا من مرضى السكري أو لديهم تاريخ مرضي بسوء التغذية أو اضطرابات الأكل.[10][11]
  • فئة كبار السن: يُفضل أن يكون قرار الصيام لدى كبار السن مشتركاً مع مُقدم الرعاية الخاص بهم، وذلك حسب حالتهم الصحية لتجنب أي مضاعفات محتملة.[12]

نصائح مهمة لصيام آمن

يُعتبر الصيام استثمارٌ للصحة لما يعود على الجسم بفوائد كثيرة، وللحصول على فوائد الصيام الصحية والغذائية، إليك النصائح الآتية:[13]

  • اشرب الكثير من الماء، توصي معظم السُلطات الصحية بقاعدة 8×8، أي أن تشرب ثمانية أكواب أو ما يقارب لترين من الماء  يومياً لتجنب الجفاف والمشاكل المرتبطة به.
  • مارس التأمل أو المشي الخفيف، تأتي هذه النصيحة بهدف تخفيف عبء الصيام وتشتيتك عن الشعور بالجوع.
  • لا تبدأ إفطارك بوجبات كبيرة، فقد ينتهي بك الأمر بالشعور بالتعب والانتفاخ.
  • تناول احتياجك من البروتين، حيث يساعدك تناول ما يكفي من البروتين في الحفاظ على الكتلة العضلية وإبقاء الشهية تحت السيطرة.
  • اتبع نظاماً غذائياً متوازناً يحتوي على جميع العناصر الغذائية، حيث يؤدي تناول الوجبات المتوازنة إلى تحسين صحتك والحفاظ على نشاطك أثناء الصيام.
  • مارس الأنشطة منخفضة الشدة، ويمكن أن تشمل: المشي، واليوجا الخفيفة، والأعمال المنزلية، والأهم من ذلك أن تستمع إلى جسدك دائماً، واسترح إذا كنت تعاني من صعوبة ممارسة الرياضة أثناء الصيام.

ختاماً، نلاحظ أن هناك مجموعة واسعة من الفوائد الصحية المرتبطة بالصيام بما في ذلك  تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم، وصحة القلب، ووظائف الدماغ وغيرها من الفوائد، ويمكن استثمار ذلك في تحويل النمط الغذائي إلى نمط أكثر صحة للحصول على أكبر قدر من الاستفادة.

  1. "مقال الدليل الإرشادي للصيام" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  2. "مقال 8 فوائد الصحية للصيام مدعومة بالعلم" ، المنشور على موقع healthline.com
  3. "مقال آثار الصيام المتقطع على الدماغ والوظيفة الإدراكية" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  4. "مقال الجوع من أجل الصحة: فوائد الصيام الطبية" ، المنشور على موقع medscape.com
  5. "مقال فوائد ومخاطر الصيام" ، المنشور على موقع medicalnewstoday.com
  6. "مقال صيام مرضى القولون العصبي هل يساعدهم؟" ، المنشور على موقع healthline.com
  7. "مقال تأثير صيام رمضان على ردود الفعل الانفعالية لدى الممرضات" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  8. "مقال الحد من التدخين في رمضان" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  9. "مقال المرضى المسلمون في رمضان: مراجعة لأطباء الرعاية الأولية" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  10. "مقال صيام رمضان لدى الأطفال" ، المنشور على موقع ncbi.nlm.nih.gov
  11. "مقال الصيام المتقطع: هل هو آمن للأطفال؟" ، المنشور على موقع health.choc.org
  12. "مقال الصيام: هل هو آمن لدى كبار السن؟" ، المنشور على موقع care.com
  13. "مقال كيف تصوم بأمان: 10 نصائح مفيدة" ، المنشور على موقع healthline.com