;

زواج الأقارب تحت مجهر العلم - لمحة تاريخية وبعض الحقائق

  • تاريخ النشر: الخميس، 26 نوفمبر 2020 آخر تحديث: الخميس، 03 ديسمبر 2020
زواج الأقارب تحت مجهر العلم - لمحة تاريخية وبعض الحقائق

يتم تعريف زواج الأقارب ببساطة على أنه تزاوج يحدث بين الأقارب والعائلة الواحدة، وهو نوع من نظام التزاوج الذي يحمل فيه الأفراد الأليلات التي نشأت من سلف مشترك.

ويعتبر زواج الأقارب مشكلة كبيرة في البشر لأن زواج الأقارب يزيد من فرص تلقي أليلين لصفة وراثية متنحية ضارة موروثة من الأجداد، وعند مناقشة زواج الأقارب نضع في عين الاعتبار المستوى الذي يحدث فيه، حيث تهتم معظم الدراسات بزواج الأقارب القريب مثل الزواج بأبناء العم أو أبناء الخال من الدرجة الأولى.

وعند مناقشة زواج الأقارب فإن أحد أهم المعايير التي يجب الاهتمام بها هو معامل زواج الأقارب، حيث يمثل معامل زواج الأقارب احتمال أن يتلقى الأبناء جينًا من كل والد يكون نسخة من جين واحد مشترك موجود لدى أحد الأجداد المشتركين، ويكون معامل زواج الأقارب صفرًا إذا كان الوالدان لا يشتركان في أي سلف مشترك "ليس لهما جد مشترك"، وإذا كان معامل زواج الأقارب واحدًا فإن الأبناء لديهم فرصة 100% لتلقي نسختين من الجين الذي تتم الدراسة عليه، ومع ذلك لا يمكن تحقيق هذا الحد الأقصى من معامل زواج الأقارب بين البشر.

وفي الحضارة الغربية كان الزواج بين الأقارب موضع استياء وعار في المجتمع وبقي كذلك حتى اليوم، وقد جعلت القوانين التي صدرت في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين زواج الأقارب والزواج بين أبناء العم غير قانوني في غالبية الولايات المتحدة.

بداية ظهور الدراسات حول زواج الأقارب

تم الإبلاغ عن أول دراسة مسجلة عن زواج الأقارب وتأثيراته على صحة الإنسان من قبل Bemiss في عام 1858.

وأصبح تشارلز داروين Charles Darwin مهتمًا للغاية ومستاءً من هذه الفكرة القائلة بأن أطفال زواج الأقارب يمكن أن يكونوا محرومين من الناحية البيولوجية، وترجع هذه المشاعر غير المستقرة تجاه هذه التقارير الجديدة إلى حقيقة أن داروين تزوج من ابنة عمه الأولى إيما ويدجوود  Emma Wedgewood وأنجب منها عشرة أطفال.

وفي عام 1870، واصل داروين معارضته لهذه القضية بالقول

"... في إنجلترا وأجزاء كثيرة من أوروبا يتم الاعتراض على زواج أبناء العمومة بسبب عواقبها الضارة المفترضة، لكن هذا الاعتقاد لا يستند إلى أي دليل مباشر، لذلك يجب إما إثبات زيف هذا الاعتقاد أو تأكيده ...".

ثم حاول داروين تقديم أدلة لدعم وجهة نظره، وفي عام 1871 حاول داروين الحصول على ترخيص لوضع أسئلة بخصوص عدد زيجات وآثار زواج أبناء العم المدرجة في التعداد السكاني لبريطانيا وأيرلندا، لكن قد تم رفض طلب إدراج هذه الأسئلة في التعداد السكاني.

لكن ابن داروين جورج George توصل إلى نهج جديد لدراسة زواج الأقارب عند البشر، وهذا النهج لا يزال يستخدم في بعض الدراسات اليوم ويُعرف باسم علم النفس العسكري martial isonomy الذي يستخدم ألقاب العائلة لتقدير عدد زيجات الأقارب، وللنظر في الآثار الجسدية والجينية لزواج الأقارب فحص جورج داروين أبناء أول نسل من زواج أبناء العم بين المُجَدِفين في فرق جامعة أكسفورد وجامعة كامبريدج.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسات التاريخية قدمت القليل من المعلومات حول حدوث زواج الأقارب وآثاره على البشر إلا أنها مهدت الطريق لبعض الدراسات المستقبلية الأكثر أهمية.

 الثقافة الزوجية

شاهدي أيضاً: الثقافة الزوجية

 أنواع الحب

شاهدي أيضاً: أنواع الحب

الأسباب التي تدفع الناس لزواج الأقارب

بسبب المخاوف المحيطة بزواج الأقارب وآثاره الضارة انخفضت مستويات زواج الأقارب إلى 0.5% في التسعينيات من القرن الماضي على مستوى ابن العم الأول في عموم السكان في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وكانت المستويات أقل من ذلك في دول مثل اليابان.

وعلى الرغم من انخفاض مستويات زواج الأقارب في الحضارات الغربية فقد أظهرت العديد من الدراسات أنه في العديد من المجتمعات الكبيرة الأخرى لا يزال زواج الأقارب سائدًا.

وفي الواقع في العديد من التجمعات السكانية الكبيرة في آسيا وإفريقيا فإن عشرين إلى خمسين بالمائة من جميع الزيجات هي زواج أقارب، وهناك العديد من الظروف التي من شأنها أن تعطي السكان سببًا لممارسة زواج الأقارب على نطاق واسع.

بعض هذه الأسباب لممارسة زواج الأقارب تشمل الدين والثقافة والطبقة الاجتماعية والاقتصادية والعزلة الجغرافية وعدد السكان.

حيث يمكن أن يلعب الدين والثقافة دورًا كبيرًا في مقدار زواج الأقارب الذي يحدث بين السكان، ففي العديد من المجتمعات الإسلامية والهندوسية في إفريقيا وآسيا والهند يمثل زواج الأقارب وخاصة زواج أبناء العمومة من الدرجة الأولى ما بين عشرين إلى خمسة وخمسين بالمائة من مجموع الزيجات.

حيث تميل هذه الديانات إلى زواج الأقارب بسبب القبول الديني والتفضيل والتقاليد، كما تلعب ثقافة هذه المجتمعات أيضًا دورًا كبيرًا في زيادة مستويات زواج الأقارب.

حيث يُعتقد أن زواج الأقارب هو سبب التوافق بين العروس وعائلة زوجها، وهذا مهم بشكل خاص عند مناقشة علاقة العروس مع حماتها والحفاظ على ممتلكات الأسرة.

حافز آخر لهذه الزيجات يتعلق بثروة العروس والمهر، حيث يمكن أن يؤدي زواج الأقارب إلى تخفيض كبير أو عدم دفع أي مبالغ على الإطلاق في الزيجات بهذه الثقافة، مما يسمح للأسر الصغيرة التي تمتلك الأراضي بالاحتفاظ بممتلكاتها وأراضيها.

وسبب ارتفاع مستويات زواج الأقارب ليس فقط بسبب الدين بل يمكن أيضًا أن يُعزى إلى المجتمعات الزراعية الصغيرة المعزولة التي يجد هؤلاء السكان أنفسهم فيها.

حيث تلعب العزلة الجغرافية وحجم السكان دورًا كبيرًا في العديد من التقاليد والعادات وخاصةً عندما يتعلق الأمر بمستويات زواج الأقارب والحواجز الجينية.

كما يمكن أن تلعب معدلات الهجرة أيضًا دورًا كبيرًا في مستويات زواج الأقارب، وقد شوهدت العديد من هذه العوامل في الدراسات التي أجريت في المجتمعات الصغيرة والبلدان الواقعة والمعزولة في سلاسل الجبال الأوروبية.

كما لوحظ أن زواج الأقارب يحدث بشكل متكرر في العديد من العائلات الملكية، وقد تم العثور على سفاح القربى "نكاح المحارم" الملكي بشكل شائع في مصر القديمة، والإنكا وهاواي والعديد من العائلات الملكية الأوروبية.

حيث تصبح الزيجات بين الأخ والأخت أكثر تكرارا عندما تكون الملكية هي العامل الرئيسي فيما يتعلق بوقوع زواج الأقارب، كما أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تفسر لماذا تؤدي الملكية إلى مستويات عالية من زواج الأقارب، وأحد العوامل هو أن الملك يتمتع بسلطة غير محدودة في العديد من الثقافات ويمكنه أن يفعل ما يريد ويتزوج مِن مَن يريد.

أيضًا في كثير من الحالات يُمارس زواج الأقارب في العائلات المالكة للحفاظ على سلالات الدم الملكية، وتفسير آخر هو أن العائلة المالكة يمكنها الاحتفاظ بالأراضي والممتلكات المادية والموارد داخل الأسرة.

وعلاوة على ذلك يسمح سفاح القربى الملكي للأخ والأخت بخلافة العرش لكل من الذكور والإناث.

وهناك أيضًا حالات يكون فيها سفاح القربى الملكي جزءًا من الثقافة ويرتبط أحيانًا بالأساطير أو الخرافات.

حيث شوهدت واحدة من الحالات الموثقة في ثقافة الإنكا في القرن السادس عشر، فقد كان على ملك الإنكا أن يتزوج أخته الشقيقة، وقد تم القيام بذلك لمحاكاة زواج الملك الأسطوري الشمس الذي تزوج أخته القمر، وكان يُعتقد أن هذا يحافظ على نقاء الدم الملكي الإلهي.

بعض الدراسات حول أسباب انخفاض نسب زيجات الأقارب

أجريت إحدى هذه الدراسات السكانية في دولة أندورا Andora وهي من أصغر البلدان في أوروبا، وهي منعزلة للغاية بسبب كونها محاطة بجبال شاهقة للغاية في وسط جبال البرانس Pyrenees. وهي دولة صغيرة يعمل سكانها بالزراعة وتربية الماشية وتتراوح أعدادهم بين 4000 و 6000 نسمة.

وقد كانت هذه الدولة نموذجًا مثاليًا لمستويات زواج الأقارب المرتفعة، لكن التغييرات في الاقتصاد تسببت في انخفاض هذه المستويات على مدار الخمسين عامًا الماضية، حيث نما اقتصاد أندورا ليشمل مجالات السياحة والتجارة وزادت الهجرة إلى أندورا جزئيًا بسبب غياب الضرائب وبسبب المناظر الجميلة، وبالتالي نما عدد السكان إلى ما يقرب من 46000 شخص، وهو ما يمكن أن يتسبب في حد ذاته في انخفاض مستويات زواج الأقارب لأنه يزيد من عدد الأزواج للاختيار من بينهم ويجلب آراء وأفكار جديدة للسكان.

كما توجد دراسة سكانية لمنطقة معزولة أخرى شهدت انخفاضًا في مستويات زواج الأقارب في سلسلة جبال جريدوس Gredos Mountain Range في إسبانيا، حيث انخفضت مستويات زواج الأقارب بمرور الوقت وكان يُعتقد أن ذلك يرجع إلى الثورة الصناعية وزيادة الحركة السكانية وانخفاض حجم الأسرة وزيادة معدلات محو الأمية.

حيث تظهر هذه الدراسات أن مستويات زواج الأقارب يمكن أن تعتمد إلى حد كبير على العوامل الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وعلاوة على ذلك أظهرت العديد من الدراسات الأخرى أن الحالة الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستوى زواج الأقارب، وفي كثير من الحالات يميل أعضاء المجتمع الأكثر فقراً والأقل تعليماً إلى الحصول على أعلى مستويات لزواج الأقارب بين السكان.

الدراسات على الآثار الجانبية لزواج الأقارب

تعود الآثار الصحية السلبية التي يسببها زواج الأقارب إلى ظهور جينات ضارة نادرة ومتنحية موروثة من أسلاف مشتركة تؤدي إلى ظهور أمراض وراثية.

حيث أظهرت الدراسات التي أجريت على السكان التي يشيع فيها زواج الأقارب مستويات متزايدة من الوفيات والأمراض الوراثية بسبب مجموعة متنوعة من العيوب الوراثية، ومع ذلك يمكن أن يؤدي زواج الأقارب أيضًا إلى إنتاج نسل يتمتع بصحة جيدة حسب بعض الدراسات التي سنتحدث عنها لاحقًا.

الدراسات على العائلات الملكية الأوروبية

كان زواج الأقارب شائعًا جدًا بين العائلات الملكية في أوروبا، وقد تم ربطه باعتباره سببًا في انتشار عدد حالات الهيموفيليا في العائلات.

الهيموفيليا hemophilia هي مرض تخثر الدم، ويمكن للإناث أن تكون حاملة لمرض تخثر الدم النادر فقط إذا كان أحد الكروموسومات X يحتوي على الأليل المتنحي الضار، كما يرث الذكور المرض إذا كان هناك كروموسوم X يحمل جين الهيموفيليا.

حيث بدأ وجود الهيموفيليا في ملوك أوروبا مع الملكة فيكتوريا Queen Victoria ملكة إنجلترا.

ويُعتقد أن فيكتوريا هي الناقل الأصلي لجين الهيموفيليا المتنحي المرتبط بالكروموسوم X والذي أدى إلى توريث المرض إلى أكثر من عشرين فردًا من العائلات المالكة خلال 100 عام.

وانتشر المرض في جميع أنحاء أوروبا لأن أبناء وأحفاد الملكة فيكتوريا تزوجوا من العديد من العائلات الملكية المختلفة في أوروبا لإنشاء تحالفات سياسية.

وقد انتشر الهيموفيليا بسرعة في العائلة الملكية البريطانية لعدة أجيال وكان يُنظر إلى زواج الأقارب في الأسرة على أنه السبب الرئيسي لظهور أليل المرض المتنحي بشكل متكرر في سلالات العائلة المالكة البريطانية، ثم انتشر المرض في العائلات الملكية في روسيا وإسبانيا من قبل أحفاد الملكة فيكتوريا، حيث أنجبت فيكتوريا ثلاثة أطفال مصابين بأليل الهيموفيليا هم ليوبولد وأليس وبياتريس.

ثم أنجبت أليس بنتين وابن مصابين بالهيموفيليا، وقد كانت ألكسندرا والمعروفة أيضًا باسم أليكس إحدى بنات أليس الحاملات للمرض، وقد تزوجت من نيكولاس قيصر روسيا عام 1894، ثم تعرضت أليكس لضغوط هائلة لإنجاب وريث ذكر، وبعد العديد من الولادات ببنات أنجبت أخيرًا ذكرًا اسمه ألكسيس كان مصابًا بالهيموفيليا، مما أدى إلى اضطرابات سياسية في روسيا وتم إعدام العائلة المالكة رميا بالرصاص خلال الثورة الروسية.

كما انتشر الهيموفيليا أيضًا في العائلة المالكة الإسبانية عندما تزوجت بياتريس " ابنت فيكتوريا أوجيني الحاملة للهيموفيليا" من ألفونسو الثالث عشر ملك إسبانيا، حيث تم ترتيب الزواج لمحاولة التقريب بين إسبانيا وإنجلترا، ولم تنجح هذه المحاولة عندما أنجبت بياتريس ولدين مصابين بالهيموفيليا، مما أدى إلى زيادة الكره تجاه بريطانيا لأن الكثيرين اعتقدوا أن خط دم الملكية الإسبانية ملوث من قبل هذه الأميرة البريطانية.

وقد أدت هذه الأحداث في روسيا وإسبانيا إلى جانب زيادة المصابين بالهيموفيليا البريطانيين إلى اضطرابات سياسية وعدم استقرار، ويعتقد الكثير من الناس أن حالات زواج الأقارب والهيموفيليا هذه سبب مساهم في الحرب العالمية الأولى.

وعلاوة على ذلك هناك لغز يحيط بمنشئ جين الهيموفيليا في إنجلترا، حيث لم يظهر أي من أسلاف الملكة فيكتوريا أي دليل على مرض الهيموفيليا لذلك نشأت عدة نظريات حول أصل الجين. تقول إحدى النظريات أن فيكتوريا كانت ضحية لطفرة يمكن أن تكون ناجمة عن سنوات زواج الأقارب في العائلة المالكة البريطانية، ونظرية أخرى مثيرة للاهتمام هي أن والدة فيكتوريا كانت على علاقة غرامية غير شرعية بسبب الضغط الشديد لإنجاب وريث.

الدراسات على الأطفال اليابانيين بعد الحرب العالمية الثانية

بعد وقت قصير من قيام الولايات المتحدة بإلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان في الحرب العالمية الثانية كانت هناك زيادة في عدد زيجات الأقارب في المناطق المحيطة بهيروشيما وناغازاكي، وقد تم إعداد دراسة لمعرفة بعض الآثار المحتملة لزواج الأقارب.

والآثار التي تم تناولها في هذه الدراسة هي خصوبة الزيجات ووفيات الأبناء وظهور الأمراض في الأبناء والأداء الإنجابي للأبناء وبعض الصفات الوراثية في الأبناء.

وقد لوحظ في الدراسة أن زواج الأقارب لم يكن له تأثير سلبي على خصوبة الأبناء ولكن لوحظت بعض الزيادات المهمة في وفيات الأطفال في السنة الأولى من العمر.

كما أدى زواج الأقارب إلى زيادة معدلات الاعتلال في الدراسة، حيث كانت هناك زيادات كبيرة في مستويات الأبناء المعاقين المرتبطة بزواج الأقارب، حيث ارتبط زواج الأقارب بزيادة نسبتها 37.5% في ظهور إعاقة رئيسية واحدة أو اثنتين ضمن الأبناء، كما تسبب زواج الأقارب في زيادة حالات ضعف السمع بنسبة 31.7%.

الدراسات على مستوطنات الأميش Amish Settlement

تتميز طائفة الأميش بوجود مستويات عالية من زواج الأقارب، ويعزى ذلك لأنها مجموعة زراعية ودينية تقليدية للغاية معزولة جدًا عن بقية السكان في أمريكا.

حيث تُرى هذه المستويات العالية من زواج الأقارب في مستوطنة في لانكستر بولاية بنسلفانيا، وتعتبر هذه المجموعة مجموعة دراسة جيدة لأنهم ينتمون إلى طبقات اجتماعية واقتصادية متشابهة، كما أنهم يحتفظون بسجلات أنساب مفصلة للغاية، يعود تاريخ هذه السجلات إلى القرن الثامن عشر وتظهر تاريخًا عائليًا يصل إلى اثني عشر جيلًا.

ويُعتقد أن زواج الأقارب في مستوطنة لانكستر هو سبب رئيسي لوفيات الأطفال بسبب العيوب الوراثية، وأحد هذه الاضطرابات الوراثية المتنحية الضارة التي أدت إلى زيادة معدل وفيات الأطفال هو مرض إليس فان كريفيلد Ellis-van Creveld، وهو مرض مرتبط بالتقزم في الأطراف وتشوه في الأذين في القلب.

ويُنظر إلى هذه المشاكل الوراثية على أنها السبب المبلغ عنه لجميع وفيات الأطفال دون السنة الأولى تقريبًا في مستوطنة لانكستر، لذلك لوحظ أن زواج الأقارب يزيد من احتمالية وفيات الطفولة المبكرة في مستوطنة لانكستر أميش.

وفي الواقع كلما ارتفع مستوى معاملات زواج الأقارب المتضمنة في الزواج زادت فرص حالات وفيات الأطفال، حيث تظهر هذه الدراسات أن زواج الأقارب يمكن أن يشكل تهديدات صحية كبيرة من خلال زيادة معدل الوفيات والأمراض في النسل.

الدراسات على السكان في الدمام بالمملكة العربية السعودية

الدمام هي عاصمة المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية، يقدر عدد سكان الدمام بما يقارب مائتي ألف وتبلغ نسبة زواج الأقارب حوالي 52% من إجمالي الزيجات وهي نسبة أعلى من متوسط ​​معدلات معظم الدول والمحافظات في الشرق الأوسط والمنطقة المحيطة.

حيث سيطر زواج أولاد العم على جميع أشكال الزواج في الدمام ويمثل 39.3% من الزيجات، وارتفاع معدلات زواج الأقارب يؤدي إلى معامل زواج مرتفع نسبياً يبلغ 0.0312.

ويُعتقد أن هذه المعدلات المرتفعة من زواج الأقارب ترجع إلى المعتقدات والثقافة والحفاظ على الملكية داخل الأسرة.

تم إجراء دراسة على السكان من الدمام لمعرفة كيف يمكن أن يؤثر زواج الأقارب على جوانب معينة من صحة الأبناء.

نظرت الدراسة أولاً في "الهدر الإنجابي" والذي تم تعريفه على أنه عدد المواليد الموتى ووفيات الأطفال في الشهر الأول من العمر ووفيات الأطفال خلال السنة الأولى من العمر، وأظهرت هذه الدراسة عدم وجود فروق حقيقية ذات دلالة إحصائية في "الهدر الإنجابي" بين زواج الأقارب وغير الأقارب، كما تم فحص أوزان المواليد أيضًا ولم تظهر فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط ​​أوزان المواليد للأطفال من زواج الأقارب والأطفال من علاقات الزواج الأخرى.

وكانت هذه النتائج مختلفة إلى حد ما عن الدراسات الأخرى التي أجريت والتي أظهرت أن زواج الأقارب له تأثيرات سلبية على الأبناء.

حيث تظهر هذه الدراسة أن زواج الأقارب ليس ضارًا دائمًا ويمكن أن ينتج ذرية طبيعية تمامًا، وفي الواقع يعتقد بعض الباحثين أن ممارسة زواج الأقارب على المدى الطويل يمكن أن تفيد السكان وتزيد من صحتهم بالفعل عن طريق الحد من الجينات الضارة.

ختامًا

هناك العديد من الأسباب التي تجعل السكان يمارسون زواج الأقارب، وأظهرت العديد من الدراسات أن زواج الأقارب يمكن أن يسبب زيادة في معدلات الوفيات والأمراض، وكلما أصبح السكان أكثر دراية بهذه التأثيرات المحتملة تميل مستويات زواج الأقارب إلى الانخفاض.

ومع ذلك هناك مجموعات سكانية أخرى أقل دراية بالنتائج السلبية المحتملة لزواج الأقارب ومن الممكن ألا تكون آثار زواج الأقارب قابلة للاكتشاف أو مرئية فيها، لذلك إذا كانت هناك أليلات متنحية ضارة موجودة في السكان فإن الجينات الضارة لا تزال لديها إمكانية الظهور والتأثير سلبًا على السكان، ولكن من المحتمل أيضًا ألا يرى السكان أي آثار ضارة.

وفي الواقع يعتقد بعض الخبراء أنه في بعض الحالات يمكن أن يكون زواج الأقارب مفيدًا للسكان من خلال تعريض الجينات المتنحية الضارة للفلترة باستمرار من خلال تعريض هذه الجينات بشكل متكرر للانتخاب عن طريق موت الأطفال الحاملين لها وبالتالي يمكن القضاء على الأليلات الضارة بشكل دائم في السكان.

فزواج الأقارب هو موضوع حساس للغاية ومثير للجدل عندما يتعلق الأمر بالبشر ولا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن الآثار المحتملة لزواج الأقارب، ومن الصعب جدًا إجراء تجارب لتحديد جميع الآثار المحتملة لتزاوج الأقارب عند البشر لأن هناك الكثير من المتغيرات التي يجب التحكم فيها.

علاوة على ذلك فإن الأخلاق العلمية تجعل من الصعب بل ومن المستحيل إجراء دراسات على البشر، ومع ذلك يتفق معظم الخبراء على أن ممارسة التهجين الخارجي سيوفر أفضل فرصة لتحقيق مستوى عالٍ من الصحة للسكان.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!