;

السلوك الجنسي القهري

يُعرف السلوك الجنسي القهري بفرط الرغبة الجنسية أو الإدمان الجنسي فما هي اسبابه؟ وأعراضه، والعلاج؟ وتأثيره على العلاقة الزوجية؟

  • تاريخ النشر: الخميس، 19 مايو 2022 آخر تحديث: الإثنين، 15 مايو 2023
السلوك الجنسي القهري

تؤثر بعض السلوكيات مثل السلوك الجنسي القهري على صحة العلاقة الزوجية، بل قد تؤثر على الحياة الاجتماعية والإنتاجية للشخص المصاب.

إذ نجد أن الرغبة الجنسية سلوك طبيعي في دورة حياة الفرد، لكن ظهور نقص أو زيادة بها يُعد اضطراباً مرضياً يجب علاجه، لذا دعنا نتعرف سوياً إلى السلوك الجنسي القهري، وأعراضه، وأسبابه، والوسائل العلاجية المختلفة، وهل يُمكن الوقاية منه أم لا.

ما هو السلوك الجنسي القهري

السلوك الجنسي القهري (بالإنجليزية: Compulsive Sexual Behavior) أو فرط الرغبة الجنسية أو كما يُعرف أيضاً بالإدمان الجنسي، هو اضطراب نفسي ينشغل فيه الفرد بالتخيلات أو الدوافع أو السلوكيات الجنسية التي يصعب السيطرة عليها. [1]

يتضمن السلوك الجنسي القهري مجموعة من التجارب الجنسية التي يحرص الشخص المصاب على أن يصل إليها، وممارستها بشكل مفرط؛ مثل:

  • الاستمناء فيما يعرف بالعادة السرية.
  • ممارسة الجنس عبر الإنترنت، أو خلال الهاتف.
  • ممارسة العلاقة الجنسية مع شركاء متعددين، أو العلاقات المتعددة خارج نطاق الزواج.
  • مشاهدة المواقع الإباحية.
  • الدفع مقابل ممارسة العلاقة الجنسية.

قد يؤثر هذا السلوك سلباً على احترامك لذاتك، وعلاقاتك الاجتماعية، وحياتك المهنية حتى صحتك الجسدية، خاصة عندما يصبح المحور الأساسي للحياة، وبعد فشل مجهوداتك المتكررة في الحد من السلوك الجنسي المتكرر.

لكن مع المساعدة الطبية وتعلم كيفية التحكم في رغباتك الجنسية تستطيع تخطي هذا السلوك، ومن الجدير بالذكر أن هذا السلوك لا يقتصر على الرجال، لكن يُمكن أن تعاني السيدات منه أيضاً، لكن حسب الدراسات أن هذه المشكلة أكثر شيوعاً لدى الرجال. [2]

أعراض السلوك الجنسي القهري

يعد السلوك الجنسي القهري شائعاً أكثر مما تظن، لكن يكون صعباً على الكثير طلب المساعدة؛ لأنها مسألة شخصية قد تجعل المصاب يشعر بالخجل والحرج، وتوجد بعض المؤشرات التي نستدل بها على معاناة السلوك الجنسي القهري، وتشمل: [1] [2] [3]

  1. الشعور بأنك مدفوع للقيام ببعض السلوكيات الجنسية حيث تتخلص من التوتر بعدها.
  2. الشعور بالذنب، أو الندم المتكرر بعد ممارسة السلوكيات الجنسية المتطرفة التي تتعارض مع القيم الشخصية، أو المعتقدات الدينية.
  3. تمتلك تخيلات أو سلوكيات جنسية متكررة تستهلك الكثير من وقتك بشكل خارج عن إرادتك، أي أنك مهووس جنسياً لدرجة أنك تمارس العادة السرية أكثر من مرة يومياً.
  4. فشل مجهوداتك المستمرة في الحد من الرغبة الجنسية المتكررة لفترة طويلة.
  5. الانخراط في السلوكيات الجنسية ذات العواقب الوخيمة؛ مثل: احتمالية الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً، أو فقدان علاقات مهمة، أو التعرض إلى ضغوط مالية، أو مشاكل قانونية.
  6. تقضي مدة زمنية طويلة في التخطيط للنشاط الجنسي.
  7. ممارسة نشاطات جنسية متهورة مصحوبة بتعاطي المواد المخدرة.
  8. اللجوء إلى السلوك الجنسي القهري للهروب من مشكلات نفسية أخرى؛ مثل: الاكتئاب، والقلق.
  9. صعوبة إقامة علاقات صحية مستقرة والمحافظة عليها.

يجب أن تضع جانباً الشعور بالخجل أو الإحراج وتذهب إلى زيارة الطبيب، إذا شعرت بأنك تفقد السيطرة على دوافعك الجنسية، بل بدأت تسبب لنفسك ولمن حولك مشكلات ذات تأثير سلبي متدرج بمرور الوقت، ومن الجدير بالذكر أن هناك بعض الحالات تصل إلى مرحلة امتلاك ميول انتحارية، ومن هنا يصل الأمر إلى ذروة الخطر التي تتطلب علاجاً فورياً. 

أسباب السلوك الجنسي القهري

حالياً لا توجد أسباب واضحة وراء السلوك الجنسي القهري، لكن أجمع الخبراء على عوامل محددة تُساهم في الإصابة به، وهي: [1] [4]

  1. خلل الناقلات العصبية الكيميائية في الدماغ: تساعد بعض الناقلات العصبية؛ مثل: السيروتونين، والدوبامين، والنورادرينالين في تنظيم الحالة المزاجية، ووجد العلماء أن ارتفاع مستويات تلك المواد الكيميائية الطبيعية قد يكون مرتبطاً بالسلوك الجنسي القهري.
  2. تغييرات في المسارات العصبية في الدماغ: من المعروف أن فرط النشاط الجنسي عند عدم إدارته جيداً يتحول مع مرور الوقت إلى إدمان، الذي يتسبب في تغييرات في الدوائر العصبية للدماغ خاصة في مراكز التعزيز العصبية مثل أي نوع آخر من الإدمان.
  3. الحالات المرضية المؤثرة على الدماغ: قد تتسبب بعض المشكلات الصحية في تلف أجزاء من الدماغ تؤثر على السلوك الجنسي، أبرزها: الصرع، واضطرابات القلق، واضطراب الوسواس القهري.
  4. تناول بعض الأدوية: وفقاً لبعض الباحثين أن فرط الرغبة الجنسية قد يتطور كأثر جانبي لتناول بعض الأدوية؛ مثل: أدوية استبدال الدوبامين في مرضى الشلل الرعاش (مرض باركنسون).

ومن المثير للاهتمام أن هناك عوامل خطورة قد تُمهد الطريق للسلوك الجنسي القهري حتى يتملك كلياً من الشخص؛ مثل: [3]

  • سهولة الوصول إلى المحتوى الجنسي مع تطور التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي.
  • السرية والخصوصية التي تفاقم هذا السلوك بمرور الوقت.
  • الأشخاص الذين يتعاطون الكحوليات، والمواد المخدرة.
  • وجود تاريخ من الاعتداء الجسدي، أو الجنسي.
  • وجود تاريخ عائلي متوارث من حالات الإدمان المختلفة.   

طرق تشخيص السلوك الجنسي القهري

 توجد معايير تشخيصية مختلفة لهذا السلوك في الوقت الحالي، لكن يقوم الطبيب أو مختص الصحة العقلية بإجراء تقييم نفسي الذي يتضمن الإجابة عن أسئلة حول كل مما يلي:   [4] [5] [6]

  • الصحة الجسدية والعقلية.
  • الصحة النفسية والعاطفية.
  • السلوكيات والدوافع الجنسية التي يصعب السيطرة عليها.
  • جميع العقاقير التي تتناولها، أو الكحوليات.
  • أفراد الأسرة، وعلاقاتك الاجتماعية.
  • المشكلات الناتجة عن سلوكك الجنسي المتطرف.
  • الحالات المرضية التي تكون من أعراضها فرط الرغبة الجنسية؛ مثل: الاضطراب ثنائي القطب، واضطراب الشخصية، واضطراب الوسواس القهري.

قد يكون من الصعب تحديد الوقت الذي أصبح فيه السلوك الجنسي مشكلة، لذا قد يلجأ الأطباء أحياناً إلى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي؛ لأن السلوك الجنسي القهري يتم تشخيصه على أنه فئة فرعية من حالة صحية عقلية أخرى.

وسائل علاج السلوك الجنسي القهري

قد يكون أحياناً من الصعب علاج السلوك الجنسي القهري؛ لأن المصاب يبرر سلوكياته وأنماط تفكيره، بل قد لا يرى مشكلة في سلوكه المتطرف، وقد يتطور الأمر عندما لا تتم معالجته إلى ظهور حالات صحية أخرى مع فقدان الثقة بالنفس كلياً.

تهدف الخيارات العلاجية المتاحة إلى تقليل أعراض معاناة الصحة العقلية، والتحكم في أي حوافز للانخراط في السلوكيات الجنسية القهرية، كما تشجع على الحفاظ على العادات والعلاقات الصحية. [4]

العلاج النفسي 

يتضمن العلاج النفسي (بالإنجليزية: Psychotherapy) مجموعة تقنيات متنوعة تساعد المرضى على التحكم في العوامل المحفزة للسلوك الجنسي القهري، ويُطلق عليه أيضاً مصطلح العلاج بالكلام الذي لا يُقدم فقط للمصاب، لكن أيضاً لكل المتضررين من حوله، وأبرز أنواع العلاج النفسي:  [5] [6]

  1. العلاج السلوكي المعرفي CBT: يعد من أنواع العلاج النفسي الشائعة التي تستخدم مع العديد من الحالات الصحية العقلية، يركز على استبدال الأفكار والسلوكيات السلبية للتعامل بشكل أفضل وتقليل الدافع لممارسة الجنس، كما يساعد في تقليل الشعور بالذنب.
  2. العلاج النفسي الديناميكي: يركز هذا النوع من العلاج على زيادة الوعي بالأفكار والسلوكيات، وما يحفزها أو يثبطها.
  3. علاج القبول والالتزام: هو شكل من أشكال العلاج السلوكي المعرفي يستخدم استراتيجيات القبول التي تهدف إلى تقبل الأفراد الضيق، وتغيير العلاقة بأفكارهم بدلاً من تغيير الأفكار بأنفسهم، وحل الصراعات النفسية الداخلية.

العلاج الدوائي 

لا يوجد دواء معتمد عالمياً على وجه التحديد لعلاج الإدمان الجنسي، لكن قد تساعد بعض الأدوية التي تعمل على المواد الكيميائية في الدماغ المرتبطة بالأفكار والسلوكيات الوسواسية، أو كما يُطلق عليها هرمونات الحافز والسلوك، يختار الطبيب الأفضل منها بناءً على حالتك الصحية والعقلية.

ومن الجدير بالذكر أن الأدوية التالية توصف غالباً لعلاج حالات أخرى؛ مثل: [5] [6]

  1. مضادات الاكتئاب: قد تساعد الأنواع المستخدمة في علاج القلق، أو الاكتئاب، أو اضطراب الوسواس القهري، على علاج السلوك الجنسي القهري؛ مثل: فلوكستين، وباروكستين.
  2. النالتريكسون (الاسم التجاري: Vivitrol): يستخدم عموماً لعلاج إدمان الكحول، وإدمان المخدرات، والمواد الأفيونية؛ لأنه يمنع الجزء من الدماغ المسؤول عن الشعور بالمتعة بسلوكيات إدمان معينة.
  3. مثبطات المزاج: تستخدم هذه الأدوية عموماً لعلاج الاضطراب ثنائي القطب، لكن قد تقلل من السلوك الجنسي القهري وفرط النشاط الجنسي؛ مثل: الليثيوم، وكاربامازيبين (الاسم التجاري: Tegretol).
  4. مضادات الأندروجين: تقلل هذه العقاقير من التأثيرات البيولوجية للهرمونات الجنسية لدى الرجال؛ لأنها تقلل من الرغبة الجنسية، وغالباً تستخدم في الرجال الذين يشكل سلوكهم الجنسي القهري خطراً على من حولهم؛ مثل: ميدروكسي بروجستيرون (الاسم التجاري: Provera).
  5. الأدوية المضادة للقلق: تستخدم في حالة إذا كان القلق وراء السلوك الجنسي القهري؛ مثل: بوسبيرون (بالإنجليزية: Buspirone).
  6. مضادات الذهان: تعتبر خياراً عندما تكون اضطرابات التفكير أو الانفعالات الشديدة مصاحبة للسلوك الجنسي القهري، إذ قد تقلل هذه الأدوية من الرغبة الجنسية والإثارة الجنسية.

العلاج المعنوي 

يعتبر ركن أساسي للتخلص من جميع الاضطرابات العقلية، وإدمان السلوكيات المختلفة، وأشد أنواع المرض النفسي، إذ يحتاج الأمر إلى مجاهدة النفس على اتباع المهارات الصحية في أثناء العلاج.

ومن أفضل ما يُمكن أن يحصل عليه المرء هو دعم الأصدقاء والعائلة، على الرغم من أنه قد يكون صعباً أن يفهم الآخرون السلوك الجنسي القهري والتسامح معه خاصةً إذا كان قد حدث ضرر في العلاقات بالفعل.

ومن الجدير بالذكر أنه قد انتشرت في السنوات الأخيرة مجموعات المساعدة الذاتية التي تقدم العون في حالات صحية مختلفة، خاصة الذين يعانون إدمان سلوكيات معينة، وتم تصميمها على غرار برنامج 12 خطوة  لمدمني الكحول المجهولين، إذ قد تساعد في:[5] [6]

  • التعرف على طبيعة الاضطراب الذي تعانيه.
  • تفهم حالتك، وأين تبحث عن الدعم.
  • تحديد الخيارات العلاجية المتاحة الإضافية إن وجدت.
  • التعرف على سلوكيات التأقلم.
  • مساعدتك في عدم الانتكاس.

مضاعفات السلوك الجنسي القهري

قد يكون للسلوك الجنسي القهري عدة عواقب سلبية تؤثر على الشخص المصاب وعلى المحيطين به، وتشمل كل مما يلي:  [6] [7]

  • عدم وجود علاقة زوجية صحية مع الشريك.
  • تدمير العلاقة مع الشريك؛ بسبب الإهمال والكذب.
  • عدم القدرة على التركيز على العمل؛ مما قد يؤدي إلى انخفاض القدرة الإنتاجية وربما فقدان الوظيفة.
  • تراكم الديون المالية من شراء المواد الإباحية والخدمات الجنسية.
  • الإصابة بمضاعفات صحية جنسية خطيرة من الأمراض المعدية بين الزوجين؛ مثل: فيروس نقص المناعة البشرية، ومرض الزهري، والسيلان.
  • قد تظهر حالات صحية عقلية أخرى؛ مثل: الاكتئاب، والتوتر، والقلق، والميول الانتحارية.
  • الانخراط وراء استخدام العقاقير المخدرة، أو الإفراط في تناول الكحوليات.
  • المكافحة العاطفية المستمرة من الشعور بالذنب، والعار، وتدني الذات.
  • قد يصل الأمر إلى دخول السجن بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.

الوقاية من السلوك الجنسي القهري 

لأنه لا يوجد سبب قاطع وراء السلوك الجنسي القهري، فليس من الواضح كيف نمنعه، فقد يكون أحياناً من خلل كيميائي في الدماغ، أو من الآثار الجانبية لحالات صحية عقلية أخرى، لكن مع ذلك نستطيع أن نحافظ على هذا النوع من السلوكيات تحت السيطرة، والتحكم في جميع العوامل من أفكار ورغبات عن طريق: [6] [7]

  1. الحصول مبكراً على المساعدة المتخصصة في بداية مشكلات السلوك الجنسي حتى لا تتدهور إلى السلوك الجنسي القهري.
  2. التأكد من التحكم في الحالات الصحية العقلية الأخرى كالقلق، والاكتئاب؛ لأن السلوك الجنسي القهري قد يتفاقم من عدم علاج تلك الحالات جيداً.
  3. الابتعاد عن تناول الكحوليات، وتعاطي المواد المخدرة، وإذا كنت لا تستطيع القيام بذلك بمفردك يجب أن تحصل على المساعدة الطبية؛ حتى لا تندفع نحو سلوكيات جنسية غير صحية.
  4. تجنب الانخراط في ممارسات جنسية محفوفة بالمخاطر؛ حتى لا تضع صحتك، وصحة الآخرين في خطر.
  5. التثقيف المعرفي حول السلوك الجنسي القهري حتى تعلم متى تأخذ خطوتك الأولى في طلب المساعدة.
  6. الابتعاد عن جميع المحفزات الجنسية خاصة من هم في مرحلة المراهقة.
  7. يجب أن تتوجه دائماً نحو الاختيارات الصحية، وتشتت انتباهك عن السلوك الجنسي القهري بالانخراط في الرياضة، أو ممارسة هواية تحبها.
  8. تطوع في المنظمات التي تساعد الآخرين، أو المجموعات التي تمارس تقنيات الاسترخاء من التأمل، واليوجا.
  9. يجب أن تتحلى بالصبر حتى تصل إلى هدفك في الحياة، لذا من الضروري أن تركز على الأشياء المهمة، وتحافظ على علاقاتك، وتدير حياتك الجنسية بحكمة وفق القيم والمعايير المناسبة.

يجب أن تكون على دراية الآن بأن السلوك الجنسي القهري أكثر شيوعاً مما تظن، وأن التخلص من قيود القلق والحرج ضروري حتى تحصل على المساعدة في الوقت المناسب، وأنه من الأفضل أن يتعلم الجميع في السن الملائم كيفية التحكم في الدوافع الجنسية بناءً على القيم والمعايير المناسبة للمجتمع.    

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!