;

اضطراب الهوية الافتراقي

اضطراب الهوية الافتراقي من أصعب الاضطرابات الشخصية صعوبة في العلاج والتشخيص، وهناك العديد من الطرق التي تساعد المريض على التعايش معه والتحكم في أعراضه

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 08 مارس 2022 آخر تحديث: الجمعة، 21 أبريل 2023
اضطراب الهوية الافتراقي

كانت اضطرابات الشخصية ولا تزال مادة ثرية للأعمال السينمائية التي ننظر إليها باعتبارها أعمالاً فنية بعيدة عن الواقع، ويعد اضطراب الهوية الافتراقي من أكثر الاضطرابات المثيرة للجدل، فما هي أعراض وأسباب هذا الاضطراب؟ وكيف يمكن علاجه والتعايش معه؟ 

ما هو اضطراب الهوية الافتراقي

اضطراب الهوية الافتراقي (بالإنجليزية: Dissociative Identity Disorder) هو حالة نفسية شديدة التعقيد، يعاني فيها المريض من تفكك وعدم اتصال بين أفكاره وذكرياته ومشاعره، لدرجة تجعله يفقد إحساسه بالهوية، حيث يكون لدى المريض شخصيتان أو أكثر من الشخصيات المميزة، لهذا السبب أطلق على هذا الاضطراب اسم آخر وهو اضطراب الشخصية المتعددة (بالإنجليزية: Multiple Personality Disorder).[1]

في أغلب الحالات يكون لدى المريض شخصية رئيسية، وتكون عادةً شخصية سلبية ومكتئبة، بينما تتناوب الشخصيات البديلة في السيطرة على المريض، وتظهر هذه الشخصيات بميول وتفضيلات متناقضة كثيراً مع ما يفضله المريض، وقد تختلف في بعض الأحيان عن العمر والجنس الحقيقيين للمريض. [2]

أسباب اضطراب الهوية الافتراقي

تشير الدراسات إلى ارتباط أعراض اضطراب الهوية الافتراقي بالصدمات النفسية التي تعرض لها المريض في مرحلة الطفولة، خاصة قبل وصول سن الطفل إلى ست سنوات، وهناك بعض الإحصائيات التي تشير إلى أن 99% من المصابين بهذا الاضطراب يتضمن تاريخهم المرضي التعرض لاعتداء جنسي، أو إهمال شديد من الوالدين في مرحلة الطفولة. [3]

يجد المرضى المصابين بهذا الاضطراب في الانفصال وسيلة لحماية شخصياتهم الرئيسية من الصدمات التي تعرضوا لها في الواقع، وبهذه الطريقة تواجه الشخصية البديلة الصدمة بدلاً من شخصية المريض الرئيسية. [3]

أعراض اضطراب الهوية الافتراقي عند البالغين

يعد تعدد الهويات أو الشخصيات من أهم السمات المميزة للمرضى المصابين باضطراب الهوية الافتراقي، إليك تفاصيل أكثر عن هذه الأعراض: [1] [2]

  • فشل المريض في تذكر المعلومات الأساسية التي تخص شخصيته الرئيسية.
  • شعور المريض باضطهاد الذات، ورغبته في إيذاء نفسه أو الآخرين.
  • قيام المريض ببعض التصرفات البعيدة تماماً عن شخصيته الحقيقية؛ مثل: القيادة المتهورة للسيارة، أو سرقة الأموال من الآخرين، أو تعاطي المواد المخدرة، بالإضافة إلى شعوره أنه مجبر على القيام بهذه التصرفات، وليس لديه أي خيار في الرفض.
  • شعور المريض بالغربة عن الواقع الذي يراه في الغالب مزيفاً وغير حقيقياً.
  • معاناة المريض من بعض الأعراض الجسدية؛ مثل: الإصابة بالصداع، والتشنجات.
  • مواجهة المريض بعض الصعوبات في تحديد الأشياء التي تهمه في الحياة، فعلى سبيل المثال يفتقد المريض الطموح المهني المحدد، ولا يكون لديه توجهاً سياسياً أو دينياً معروفاً مثل باقي الأشخاص، وهي حالة يطلق عليها ارتباك الهوية.
  • معاناة المريض من عدم إدراكه للزمان والمكان في كثير من الأحيان.

أعراض اضطراب الهوية الافتراقي عند الأطفال

تختلف أعراض هذا الاضطراب عندما يؤثر على الأطفال، وتعد مرحلة الطفولة هي الفترة التي تشهد شرارة بدء معظم الأعراض، حيث يتعرض بعض الأطفال في هذه المرحلة إلى صدمات نفسية، تأتي هذه الصدمات على شكل اعتداءات جنسية أو إهمال عاطفي من الوالدين، مما يؤدي إلى رغبة الأطفال في البحث عن آليه ينفصلون بها عن واقعهم المؤلم. [2]

تتضمن أعراض اضطراب الهوية الافتراقي عند الأطفال: [2]

  • معاناة الطفل من أحلام مزعجة وذكريات مؤلمة حول الصدمة التي تعرض لها.
  • عدم استجابة الطفل أو تفاعله مع ما يدور حوله.
  • إصابة الطفل بالتشنجات، وهي رد فعل جسدي نتيجة لتذكر الطفل للصدمة.
  • تغيرات في نشاط وحركة الطفل، وفقدانه الشهية للأطعمة التي كان يفضلها.

تشخيص اضطراب الهوية الافتراقي

يستغرق تشخيص اضطراب الهوية الافتراقي وقتاً طويلاً ربما يصل إلى سنوات في بعض الحالات؛ نظراً لتشابه الأعراض مع بعض الاضطرابات الأخرى، ومعاناة أغلب المرضى من بعض المشكلات النفسية المصاحبة لهذا الاضطراب؛ مثل: اضطراب الشخصية الحدية، وحالة الاكتئاب، والشعور بالقلق. [2]

يبدأ الطبيب في جمع معلومات عن التاريخ المرضي للشخص الذي يشتبه في إصابته بهذا الاضطراب، ويعتمد التشخيص على وجود بعض المعايير التي يبحث الطبيب عن توفرها في المريض، تضم هذه المعايير: [1]

  • وجود هويتين أو أكثر لدى المريض، لكل واحدة منهما مواصفاتها الخاصة التي تعطل شخصية المريض الأساسية.
  • فقدان الذاكرة الذي يتضح من خلال فشل المريض في تذكر الأحداث اليومية، والمعلومات الشخصية الهامة.
  • شعور المريض بالضيق بسبب هذا الاضطراب، ومعاناته من مشكلات في العمل والتواصل الاجتماعي مع الآخرين؛ نتيجة لأعراض هذا الاضطراب.
  • استبعاد أن تكون أعراض هذا الاضطراب نتيجة لإصابة المريض ببعض المشكلات الطبية؛ مثل: نوبات الصرع، أو إدمان الكحول، أو الإغماء.

علاج اضطراب الهوية الافتراقي

يعتمد علاج اضطراب الهوية الافتراقي على العديد من المسارات العلاجية التي تجعل المريض أكثر فهماً لحالته، وأكثر قدرة على التعامل مع أعراض الاضطراب، نلقي الضوء على هذه الأنماط العلاجية في السطور القادمة من هذا المقال. [3]

العلاج النفسي

يعد العلاج النفسي عن طريق الكلام هو الجانب الأهم في علاج اضطراب الهوية الافتراقي، وفيه تتعاون أسرة المريض مع أخصائي الصحة النفسية ليخضع المريض لعدة جلسات نفسية، يعد الهدف الرئيسي لهذه الجلسات هو مساعدة المريض على دمج السمات المنفصلة لكل شخصية في شخصية واحدة، ومساعدته على التحكم في المحفزات. [1]

هناك عديد من الأمور التي يكتسبها المريض خلال جلسات العلاج النفسي عن طريق الكلام، من أهمها: [2]

  • منح المريض معلومات دقيقة حول طبيعة مرضه وحالته.
  • الحد من انفصال المريض عن الواقع.
  • مساعدة المريض على التحكم في المحفزات التي تؤدي إلى انفصاله عن شخصيته الحقيقية.
  • تعليم المريض كيفية التعامل مع الضغوط اليومية، ومواجهتها بطريقة صحيحة.

التنويم المغناطيسي

يعتقد البعض أن التنويم المغناطيسي من الأنماط العلاجية المفيدة في التحكم في أعراض اضطراب الهوية الافتراقي، حيث يُعتمد عليه إلى جانب جلسات العلاج النفسي عن طريق الكلام. [1] [3]

يستهدف التنويم المغناطيسي مساعدة الطبيب في التوصل إلى الذكريات المكبوتة عند المريض، والعوامل التي تسببت في حدوث الصدمة النفسية التي يتهرب منها المريض، من خلال انفصاله عن شخصيته الرئيسية، كما يساعد في دمج جميع الشخصيات التي تسيطر على المريض في شخصية واحدة. [1] [3]

العلاجات المساعدة

هناك بعض الطرق العلاجية التي تعزز من الدور الذي يقوم به العلاج النفسي، فعلى سبيل المثال يمكن أن تساهم بعض الأنشطة البسيطة مثل الرسم أو العلاج بالحركة في تحفيز أجزاء من ذهن المريض اعتاد على غلقها؛ حتى يتفاعل مع الصدمة التي عانى منها في طفولته. [1]

العلاج الدوائي

لا يوجد دليل علمي يشير إلى دور الأدوية في الحد من أعراض اضطراب الهوية الافتراقي، لكن يوصي الأطباء في بعض الحالات باستخدام بعض الأدوية لعلاج الأمراض النفسية المصاحبة لأغلب مرضى هذا الاضطراب، تضم هذه الأدوية: [3]

  • أدوية علاج الاكتئاب.
  • الأدوية المضادة لمرض الذهان.
  • الأدوية المضادة للقلق.

يعكس اضطراب الهوية الافتراقي استجابة استثنائية إلى بعض الصدمات النفسية التي تعرض لها مرضى هذا الاضطراب في طفولتهم، ويساهم الاكتشاف المبكر والتشخيص الدقيق لهذه الحالة في تلقي العلاج المناسب الذي يتمثل في جلسات العلاج النفسي.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!