;

أنيميا الفول أو التفول

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 30 مارس 2022 آخر تحديث: الأحد، 30 أكتوبر 2022
أنيميا الفول أو التفول

تُعد أنيميا الفول أو التفول أحد أكثر اضطرابات نقص الإنزيمات انتشاراً في العالم بين الأطفال، التي قد تؤدي إلى مُضاعفات أكثر خطورة من المرض ذاته عند عدم معرفة المُحفزات المُضرة والابتعاد عنها. لكن هل تعلم تحديداً ما هي، وما طبيعة العلاقة بينها وبين الفول، وما أشهر الأعراض التي تظهر على المصابين، وهل يوجد علاج مُحدد لها، وكيف يستطيع المُصاب أن يتعايش مع تلك الحالة.

ما هي أنيميا الفول أو التفول

أنيميا الفول، أو التفول، أو انحلال الدم الفولي (بالإنجليزية: Glucose-6 Phosphate Dehydrogenase Deficiency) أو كما يُطلق عليها اختصاراً (G6PDD) تمثل جميعها مصطلحات لحالة اضطراب وراثي إنزيمي واحد، تنتج عن نقص إنزيم هيدروجين الجلوكوز 6 فوسفات الذي يؤدي دور وظيفي حيوي في عديد من العمليات الكيميائية داخل الجسم.

لكن تتمثل أكبر أهمية له في الحفاظ على سلامة خلايا الدم الحمراء، إذ عندما يكون هذا الإنزيم منخفضاً جداً، قد تتحلل خلايا الدم الحمراء بسرعة قبل الموعد المحدد لها فيما يسمى ب (انحلال الدم)، وعندما لا يستطيع الجسم تعويض الخسارة قد يتطور الأمر إلى فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic Anemia).

وبالرغم من ذلك عليك أن تعلم أن نقص الإنزيم بمفرده، لا يكفي لإحداث انحلال الدم، بل يجب أن يتعرض إلى عوامل محفزة أخرى حتى تظهر الأعراض، أي إن غالبية الأشخاص المصابين بنقص (G6PD) يعيشوا حياة طبيعية في حالة عدم التعرض إلى المحفزات المُضرة.  [1]

علاقة أنيميا الفول أو التفول بالفول

قد يظن بعضكم أن العلاقة خاصة بالمُسميات فقط، لكن في الحقيقة هناك علاقة علمية قوية بين تناول الفول وتدهور الأعراض عند مريض أنيميا الفول، إذ بعد تناول الفول أو أحد أنواع البقوليات الأخرى، قد تظهر:

  • الأعراض الشرسة على المُصاب؛ نتيجة إنتاج كمية كبيرة من جزيئات الأكسجين التفاعلية التي تؤدي إلى تلف خلايا الدم الحمراء.
  • قد يتدهور الأمر إلى الإصابة بفقر الدم الانحلالي.

ولا يعد الفول المُحفز المُضر الوحيد، بل سنتعرف معاً فيما بعد على جميع المحفزات التي يجب على مريض أنيميا الفول تجنبها. [1]

أسباب أنيميا الفول أو التفول

أنيميا الفول بمنزلة اضطراب وراثي مستمر مدى الحياة ينتقل من أحد الوالدين أو كلاهما، ويكون الجين المُعيب الذي يسبب هذا النقص موجود في الكروموسوم X أحد الكروموسومات الجنسية، إذ نجد أن الرجال لديهم كروموسوم X واحد فقط، بينما السيدات لديهن اثنين من الكروموسوم x، وتكفي نسخة واحدة معيبة من الجين للتسبب في نقص G6PD

لذلك قد تكون فرصة الإصابة أكبر في الرجال عن السيدات، وتكون فرصة حمل المرض أكثر في السيدات، ولا يتأثر معظمهن عادةً عند وجود كروموسوم X واحد معيب. وعليك أن تعلم إذا كانت الأم حاملة لحالة متنحية في كروموسوم X واحد والأب لم يكن كذلك، فإن الخطر على الأبناء يعتمد على الجنس، إذ إن: [2]

  • الابن يملك فرصة 50% أن يتأثر، و50% أن لا يتأثر.
  • الابنة تملك فرصة 50% أن لا تتأثر، و50% أن تحمل المرض.
  • أما في حالة إصابة الأب بالمرض والأم لم تكن حاملة له، فلن يتأثر جميع الأبناء، وستكون جميع البنات حاملات للمرض.  

ونجد في معظم الحالات ظهور الأعراض وتطورها يتطلب تفاعلاً محدداً لتغيير في جين G6PD بالإضافة إلى محفز بيئي خارجي مُحدد، حتى وقتنا الحالي كشفت الدراسات عن وجود أكثر من 400 طفرة جينية في الأشخاص الذين يعانون نقص G6PD في أجسامهم. [1] [2] [3]

أعراض أنيميا الفول أو التفول

من الجدير بالذكر أن معظم الأشخاص الذين يعانون أنيميا الفول لا تظهر عليهم أعراض، بل يعيشوا حياة طبيعية سلاسة حتى يتعرضوا إلى المُحفزات التي قد تصل بهم إلى فقر الدم الانحلالي، وقد تكون المحفزات بعض الأدوية، أو تناول الفول والبقوليات، أو التعرض إلى بعض أنواع العدوى والالتهابات.

وتشمل الأعراض الشائعة التي تظهر عند تفاقم الحالة إلى فقر الدم الانحلالي، كل مما يأتي: [1] [2]

  • تغيرات سلوكية، مثل: الشعور بالتهيج، والخمول.
  • الشعور بالتعب العام.
  • الشعور بدوخة.
  • ضيق التنفس.
  • تسارع ضربات القلب.
  • البول داكن اللون.
  • شحوب الجلد.
  • الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة الجسم.
  • ألم أسفل الظهر.
  • تضخم الطحال والكبد.
  • اليرقان خاصة في الأطفال حديثي الولادة (حالة يشيع فيها اصفرار العينين، والأغشية المخاطية، والأنف).
  • اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل: الإسهال، والغثيان.

معظم النوبات التي يتعرض إليها مرضى أنيميا الفول حتى الشديدة منها، تكون محدودة ذاتياً وتختفي من تلقاء نفسها، وقد تكون أكثر شيوعاً بين الأطفال، وتوجد حالات نادرة يعاني فيها المصابين فقر الدم الانحلالي المزمن الذي يحدث دون الحاجة إلى عامل مثير. [4]   

عوامل الخطورة

توجد بعض العوامل التي قد تزيد من خطر التعرض إلى اضطراب أنيميا الفول، وتشمل التالي: [4]

  • الجنس، إذ قد تزداد احتمالية الإصابة في الذكور عن الإناث.
  • العرق من الأصل الأفريقي، أو أصحاب البَشَرة السمراء في الولايات المتحدة الأمريكية.
  • شائع بين الأشخاص من منطقة الشرق الأوسط، وآسيا.
  • وجود تاريخ مرضي عائلي من اضطراب أنيميا الفول.

كيف يتم تشخيص أنيميا الفول أو التفول

يُمكن للطبيب المختص تشخيص إصابتك بأنيميا الفول بواسطة عدة فحوصات، ومن ثم تحديد الوسيلة العلاجية المناسبة على حسب الأعراض التي تعانيها، وإليك أهم الفحوصات التشخيصية: [5]

  • فحص تعداد الدم الكامل: يهدف هذا النوع من الفحوصات إلى معرفة كمية جميع أنواع خلايا الدم الموجودة في الشخص المصاب.
  • اختبار تعداد الشبكيات (الخلايا الشبكية): يقيس كمية خلايا الدم الحمراء الجديدة التي يُنتجها نخاع العظم عند المصاب.
  • اختبار المسحة الدموية: تستخدم في التحقق من حجم وشكل خلايا الدم عند الشخص المصاب مجهرياً.
  • اختبار بويتلر: يطلق عليه أيضاً (اختبار بقعة الفلورسنت) هو اختبار شبه كمي، يكشف عن وجود نقص في أنزيم G6PD، إذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية، فسوف يظهر الدم في ضوء الفلورسنت تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية، ولا يمكن الاعتماد عليه إلا عند تشخيص الذكور.
  • التحليل الكمي الطيفي: يتم هذا الاختبار خلال تسليط الضوء عبر عينة الدم؛ لمعرفة كمية الضوء الذي تستطيع العبور خلالها، ومقدار امتصاصها.

علاج أنيميا الفول أو التفول

قد لا يحتاج مريض أنيميا الفول تدخلات علاجية إلا في حالة التعرض إلى المحفزات المُضرة، والركيزة العلاجية الأساسية تكمن في إزالة الزناد المُسبب لظهور الأعراض وتدهور الحالة، ويعتمد الأمر أيضاً على الصحة العامة، ونوعية الأعراض، وتشمل أهم الطرق كل مما يلي:  [6]

  • التخلص من العدوى: إذا ظهرت أعراض الاضطراب نتيجة الإصابة بعدوى ما، فتصبح الخطوة العلاجية الأساسية هي القضاء على العدوى.
  • نقل الدم: هناك بعض الحالات التي تحتاج إلى عملية نقل الدم، خاصة التي تطور معها اضطراب أنيميا الفول إلى حالة فقر الدم الانحلالي؛ لتجديد مستويات الأكسجين، وخلايا الدم الحمراء.
  • التوقف عن تناول الأدوية المُحفزة: يُمكن التخلص من نوبات أعراض أنيميا الفول  في حالة كان السبب وراء ذلك تناول نوع معين من الأدوية، و سنتعرف إليها بالتفصيل فيما بعد، وهنا يجب استشارة الطبيب بالنسبة للأدوية المسموح تناولها، والجرعات المناسبة.
  • تناول مكملات الحديد والفوليك: لا يتم اللجوء إلى تلك المكملات إلا تحت استشارة الطبيب، وغالباً قد تجدي نفعاً مع الحالات التي تعاني الأعراض الخفيفة.
  • العلاج الضوئي: يجب أن يتلقى الأطفال حديثي الولادة الذين لديهم نقص في G6PD علاجاً ضوئياً صفراوياً؛ للتخلص من اليرقان الوليدي الناتج عن نقص هذا الأنزيم، وقد يحتاج بعضهم إلى عملية نقل الدم. [7]
  • اللجوء إلى الأكسجين والسوائل: تستدعي بعض الحالات التي وصلت إلى مرحلة فقر الدم الانحلالي الشديدة إلى البقاء في المستشفى؛ للحصول على الرعاية الطبية المناسبة، إذ قد لا تختفي الأعراض في تلك الحالة بمفردها، وتحتاج إلى مراقبة دقيقة لضمان الشفاء التام دون حدوث مضاعفات.

لحسن الحظ، تستغرق معظم الحالات حوالي 8 إلى 14 يوماً للتخلص من أعراض نوبة الاضطراب، فكما ذكرنا أن معظم نوبات أنيميا الفول تنقضي بمفردها بالقليل من العناية.

 مضاعفات أنيميا الفول أو التفول

قد تتسبب نوبات أنيميا الفول المتكررة دون العناية المناسبة إلى: [7]

  • الفشل الكلوي الحاد.
  • حدوث مشكلات في العين ناتجة عن انحلال الدم.
  • زيادة فرصة التعرض إلى أنواع مختلفة من العدوى والالتهابات.
  • فقر الدم الانحلالي الحاد والشديد أحياناً الذي قد يؤدي إلى الوفاة. 

نصائح للتعايش مع أنيميا الفول أو التفول

لا توجد وسائل وقائية في نهاية المطاف من الإصابة، إذ إن اضطراب أنيميا الفول هو اضطراب جيني وراثي، لا يُمكن أن يقوم الأب أو الأم بفعل شيئ تجاه هذا الأمر. لكن هناك بعض النصائح التي قد تساعد المصاب طوال حياته، قد يبدو الأمر صعباً لكن يعتاده المريض منذ الصغر، وتنصب جميع النصائح في تجنب كل المحفزات التي قد تزيد الحالة سوءاً، أو تجعل المريض يصل إلى مرحلة فقر الدم الانحلالي، حتى يستطيع الحياة طبيعياً كمن حوله. [8]

الأطعمة الممنوعة 

  • الفول.
  • الفلافل.
  • الحِمَّص.
  • العدس.
  • الفول السوداني.
  • البازلاء الخضراء، وبازلاء العيون السوداء.
  • الباذنجان.
  • التوت البري الأزرق.
  • البطيخ المُر.

الأدوية الممنوعة

قد تكون الأدوية أقل الأسباب شيوعاً في الوصول إلى فقر الدم الانحلالي، لكن مع ذلك إليك قائمة بأهم الأدوية التي يجب تجنُبها في حالة اضطراب أنيميا الفول: [8]

  • بعض الأدوية المضادة للالتهابات؛ مثل: ديكلوفيناك الصوديوم، و إيبوبروفين، وحمض أسيتيل الساليسيليك (الاسم التجاري: Aspirin).
  • بعض المضادات الحيوية خاصة التي تحتوي على السلفا؛ مثل: الكوتريموكسازول، أو دابسون.
  • بعض الأدوية المضادة للميكروبات؛ مثل: نتروفورانتوين، والميثيلين الأزرق، وبريماكين.
  • مضادات الملاريا.
  • دواء النقرس الذي يحتوي على المادة الفعالة Rasburicase

المواد الكيميائية الممنوعة

قد يكون من المفضل تجنب قائمة المواد التالية: [8]

  • الحناء المُستخدمة أحياناً في تزيين الجسم.
  • النفثالين التي توجد في كرات النفتالين المُطهرة.
  • صبغة أزرق تولويدين المستخدمة في بعض الاختبارات المعملية.

الأنظمة الغذائية المفضلة

يُمكن لمرضى أنيميا الفول الاستمتاع بحياة صحية طبيعية، ما دام أنهم يتجنبون المحفزات المحتملة التي تم ذكرها، وقد يستفيد المريض من إضافة كل مما يأتي: [8]

الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، التي تدعم الجهاز المناعي، وتحمي خلايا الدم الحمراء؛ مثل:

  • القرفة.
  • الزنجبيل.
  • الشوكولاتة الداكنة.
  • الفراولة.

الأطعمة الغنية بفيتامين د، حيث أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون أنيميا الفول معرضون بشكل أكبر لنقص فيتامين د، وضعف القدرة المناعية، ومن أهم الأطعمة الغنية بفيتامين د ما يأتي: 

  • الأسماك؛ مثل: سمك السلمون، والسردين.
  • الفطر.
  • المصادر الحيوانية؛ مثل: كبد البقر، وصفار البيض.
  • المشروبات المدعمة؛ مثل: عصير البرتقال، وحليب بالشوكولاتة.
  • الحليب النباتي المدعم؛ مثل: حليب اللوز، وحليب الصويا، وحليب الأرز.

الممارسة الرياضية

بالرغم من أن الأنشطة الرياضية قد تؤدي إلى الإجهاد التأكسدي الذي قد يكون سبب في فقر الدم الانحلالي، إلا أن الدراسات أشارت أن ذلك الإجهاد التأكسدي لا يكون بشكل أعلى وملحوظ في مرضى أنيميا الفول. لذلك قد يمارس المصابون التمارين الرياضية؛ لتحسين طبيعة حياتهم، وعدم الشعور بالعزلة، والاختلاف المرضي، وما زالت حتى الآن الدراسات تحاول كشف كل ما يتعلق بتأثير ممارسة الرياضة على مرضى أنيميا الفول. [8]

بالرغم من أن أنيميا الفول من أكثر الاضطرابات الأنزيمية انتشاراً، إلا أن هذا لا يمنع حامليها في الحصول على حياة طبيعية كمن حولهم، كل ما يتطلبه الأمر التعرف على العوامل المثيرة لتدهور الأعراض ومن ثم تجنبها، سواء أكانت أدوية، أو أطعمة، أو مواد كيميائية.

وعليك استشارة الطبيب باستمرار، إذ قد تتجدد قائمة الممنوعات من مدة لأخرى استناداً إلى الدراسات الحديثة التي تتم على المصابين في المؤسسات الطبية العالمية.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!