;

اضطراب البرص

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 15 مارس 2022 آخر تحديث: الإثنين، 21 أغسطس 2023
اضطراب البرص

هل سمعت من قبل عن اضطراب البرص، أو يُعاني منه أحد المقربين إليك، إذ لا يُعتبر من الأمراض الجلدية الشائعة، بل نسبة انتشاره لا تتخطى 1% من سكان العالم، ويُعد اضطراب البرص من الطفرات الوراثية الجينية التي ترافق المُصاب مدى الحياة.

وقد تكون رحلة طفرة البرص مع حامله ممتلئة بالعقبات النفسية والاجتماعية أكثر من أي اضطراب تعرفه، لذلك دعنا نتعرف على اضطراب البرص بالتفصيل، وما سبب الإصابة، وما أشهر الأعراض التي تبدو على المُصاب، وهل يوجد علاج فعال، أو يُمكن الوقاية منه بسهولة.

 ما هو اضطراب البرص

اضطراب البرص (بالإنجليزية: Albinism) أو ما يُسمى باضطراب المهق أو الألبينو عبارة عن طفرة وراثية نادرة الحدوث، تكون فيها كمية صبغة الميلانين قليلة جداً، أو لا يتم إنتاجها نهائياُ في الشعر، والجلد، والعينين.

الجدير بالذكر أن صبغة الميلانين المسؤولة عن إعطاء اللون المُميز للجلد، والشعر، وقزحية العين، بالإضافة إلى حماية خلايا الجسم من التلف المُصاحب للتعرض لأشعة الشمس، لذلك غالباً يمتلك المصابون باضطراب البرص لون جلد وشعر أفتح مقارنة بغيرهم.

وقد يبدأ مع الشخص منذ نعومة أظافره، وبالرغم من أن الحالة لا تزداد سوءاً بمرور الوقت، لكن تجعل الشخص يُعاني من اضطرابات صحية مزمنة لا تتحسن بسهولة. [1]

أنواع اضطراب البرص

يمتلك اضطراب البرص نوعين رئيسيين، وهما: [1]

  • البرص العيني (بالإنجليزية: Ocular Albinism): يؤثر هذا النوع رئيسياً على العينين، إذ تفقد العينان محتوى الميلانين الخاص بها، بينما يكون كلا من الجلد، والشعر بلونهما الطبيعي تقريباُ أو أفتح قليلاً. 
  • البرص العيني الجلدي (بالإنجليزية: Oculocutaneous Albinism): يعتبر النوع الأكثر شيوعاً، وهنا تتأثر صبغة الميلانين في الشعر، والجلد، والعينين.

وقد قام الأطباء بتقسيم هذا النوع إلى مجموعات فرعية بناء على الجينات التي تؤثر عليها، على النحو التالي:

  • النوع الأول (OCA-1): يميل الأفراد في هذا النوع إلى امتلاك شعر أبيض، وعيون زرقاء، ومع تقدم العُمر قد يغمق لون البشرة والشعر عند بعض الأفراد.
  • النوع الثاني (OCA-2): يكون أقل حدة من النوع الأول، ويحُدث غالباً في الأفارقة، والأمريكيين الأفارقة.
  • النوع الثالث (OCA-3): قد تكون مشاكل الرؤية في هذا النوع أقل من الأنواع الأخرى، ويؤثر غالباً على السود في جنوب أفريقيا.
  • النوع الرابع (OCA-4): يكون أكثر شيوعاً بين سكان شرق آسيا، ويكون مشابهاً للنوع الثاني بشكل كبير.
  • المهق العيني المرتبط بـ X: يحدث نتيجة طفرة جينية في الكروموسوم X، لذلك يُصيب الذكور بشكل أساسي، ويكون لون الشعر، والجلد، والعين في النطاق الطبيعي، لكن قد يواجه مشاكل في الرؤية.
  • متلازمة هيرمانسكي بودلاك: بالرغم من أن هذا النوع نادر، لكن يُعتبر الأكثر شيوعاً في بورتوريكو، وقد يُعاني الشخص اضطرابات في الأمعاء، والقلب، والكلى.
  • متلازمة شدياك هيغاشي: يُعتبر أكثر الأنواع النادرة من البرص الناتج عن طفرة في جين CHS 1، وقد تجد الشخص لديه شعر فضي اللون، والجلد لونه رمادياً، بالإضافة إلى عيوب في خلايا الدم البيضاء. [2]

ما سبب الإصابة باضطراب البرص

تُعد طفرة البرص اضطراباً وراثياً مُتنحي، إذ يمتلك المُصاب جيناً مُتنحياً موروثاً من الأب وآخر من الأم، لذلك في حال كان الوالدان يحملان الجين المُتنحي تصبح احتمالية الإصابة باضطراب البرص 25% في كل حمل، وغالباً لا تظهر الأعراض على الوالدين في حالة وجود الجين المُتنحي.

ووجدت الأبحاث أن معظم الطفرات الجينية التي تُغير من خلايا الميلانين تتداخل مع إنزيم التيروزيناز، الذي يعتبر المسؤول عن تصنيع صبغة الميلانين من الحمض الأميني التيروزين. [2]

أهم أعراض اضطراب البرص

تشمل الأعراض الرئيسية تأثيرات على الرؤية، ولون البشرة، والعين، والشعر، وإليك أبرز التفاصيل: [3]

الأعراض الجلدية

قد تكون الأعراض الجلدية الأكثر وضوحاً بالنسبة لطفرة البرص، إذ يتميز المريض بالتالي:

  • لون البشرة الفاتح الأبيض أو الأشقر.
  • قد يغمق لون البشرة تدريجياً مع التقدم في العُمر.
  • تحترق البشرة بسهولة عند التعرض إلى أشعة الشمس.
  • ظهور النمش، والشامات زهرية اللون.
  • ظهور بقع كبيرة تشبه النمش.
  • اسمرار الجلد.

أعراض الشعر

قد يعتمد الأمر في نهاية المطاف على كمية الميلانين الموجودة في الجسم، ولكن يظهر على الشخص المصاب لون الشعر الذي يتدرج من الأبيض جداً إلى اللون البني، وخاصة اللون الأشقر، وهناك من يظهر عليهم اللون البرتقالي، ومع تقدم العمر قد يصبح اللون أغمق.

أعراض العينين

يعتمد لون العين على نوع البرص الذي يُعاني منه الشخص، وكمية الميلانين المُتاحة في العين، إذ قد يكون اللون عند معظمهم أزرق شاحب، أو لون بني، أو حتى لون رمادي، وقد يتغير اللون مع تقدم العُمر وكذلك يحدث مع لون الجلد.

قد نجد أن نقص صبغة الميلانين في العين يجعلها تظهر شبه شفافة قليلاً، مما يدل على انخفاض قدرة قزحية العين على حجب الضوء، لذلك يُعاني معظم الأشخاص المصابون باضطراب البرص من حساسية الضوء الشديدة. [3]

الأعراض البصرية

قد تؤثر جميع أنواع البرص على قدرة الفرد على الرؤية إلى حد ما، بل قد يصل الأمر إلى حدوث تغيرات في وظائف العين، ويكون الأمر على النحو التالي:

  • الإصابة بحالة تُسمى (رأرأة) التي تكون فيها حركة العين سريعة ولا إرادية.
  • حركات الرأس المُميزة، مثل: إمالة الرأس؛ حتى يُقلل الشخص من حركات العين اللاإرادية، والرؤية بصورة أفضل.
  • الحَوَل، الذي يُعاني فيه الشخص من عدم القدرة على إبقاء كلتا العينين في نفس النقطة، أو التحرك بسلاسة.
  • الإصابة بقصر النظر الشديد، أو طول النظر.
  • حساسية الضوء (رهاب الضوء).
  • حدوث انحناء غير طبيعي في السطح الأمامي للعين، أو العدسة داخل العين، فيما يُسمى- اللابؤرية- الذي قد يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية.
  • حدوث خطأ في تحديد مسار العصب البصري.
  • العمى التام. [3]

كيف يتم تشخيص اضطراب البرص

يُعتبر تشخيص اضطراب البرص أسهل مما يكون، إذ قد يقوم الطبيب غالباً بتشخيص البرص منذ الولادة بواسطة: [4]

  •  الفحص البدني: نتيجة لون الجلد والشعر المُميز الذي غالباً يكون فاتحاُ، أو شاحباُ مقارنة بباقي أفراد الأسرة، وقد يتم تأكيد التشخيص باستخدام اختبارات جينية مُتخصصة.
  •  الفحص الشامل للعين: إذ يرتبط غالباً البرص بالعديد من المشاكل البصرية، وقد يقوم الطبيب أثناء فحص العين بإجراء فحص التشخيص الكهربائي؛ لقياس مدى الترابط المتواجد بين العين والدماغ.

مضاعفات الإصابة باضطراب البرص

قد يُعاني الأشخاص المصابون بطفرة البرص من بعض المُضاعفات، أبرزها:

  • الإصابة بسرطان الجلد؛ بسبب لون البشرة الفاتح.
  • الإصابة بحروق الشمس الجلدية عند التعرض للشمس بشكلٍ مباشر.
  • مشاكل الرؤية طويلة المدى التي قد تصل بهم إلى العمى.
  • الأمراض النفسية، والانعزال الاجتماعي؛ بسبب الاختلاف الظاهري في الشكل. [4]

طرق التعامل مع اضطراب البرص 

لأن اضطراب البرص وراثي جيني نادر، نجد أنه لا يوجد علاج نهائي شافٍ له حتى وقتنا هذا، لكن الخطوات العلاجية المُتبعة تسيطر عليه، وتخفف حدة أعراض الاضطراب، وتُراقب التغيرات التي قد تظهر، وتشمل: [5]

العناية بالعين

لا يُمكن التخلص كلياً من مشاكل العين الناتجة عن اضطراب البرص، لكن قد تُساعد بعض الخطوات في تحسين الرؤية بشكل عام، وتسهيل الحياة اليومية للشخص المصاب باضطراب البرص، وأهمها:

  • فحص العيون الشامل سنوياً؛ للاطمئنان على صحة العيون، والكشف عن وجود أي تطورات أم لا.
  • ينصح الأطباء في معظم الحالات ارتداء نظارات طبية، أو عدسات لاصقة.
  • ممارسة بعض تمارين العين في حالة الإصابة بحالة الحَوَل.

الجراحة البصرية

تعتبر من الإجراءات النادر حدوثها مع الأشخاص المصابون باضطراب البرص، إذ قد يلجأ الطبيب إلى إجراء عملية جراحية في العضلات البصرية؛ من أجل تقليل مشكلة الرأرأة، أو تصحيح مشكلة الحَوَل.

العناية الجلدية

ترتبط المشاكل الجلدية في طفرة البرص بلون البشرة الفاتح، وغياب صبغة الميلانين، لذلك قد تصبح الخطوات التالية ركيزة أساسية في حياة الشخص المصاب باضطراب البرص:

  • عدم التعرض إلى أشعة الشمس لفترات طويلة.
  • عدم التعرض إلى أشعة الشمس الشديدة في منتصف النهار، أو الموجودة في المُرتفعات.
  • تجنب التعرض إلى الأشعة فوق البنفسجية.
  • إجراء فحص دوري شامل سنوياً؛ للكشف عن التغيرات الجلدية التي يُمكن أن تحدث مبكراً.

الممارسات الحياتية الروتينية

تُشكل ركيزة أساسية في حياة المصابين باضطراب البرص منذ الصغر، وقد تلعب دوراً كبيراً في تسهيل المخاطر اليومية التي يتعرض إليها المصاب بالبرص، وأهمها: [5]

  • استخدام الوسائل المُساعدة على ضعف البصر، مثل: العدسات المُكبرة، الكُتب المطبوعة بخط كبير وواضح، شاشات الحاسوب كبيرة الحجم.
  • ارتداء ملابس تُغطي الجسم بأكمله مع قبعات مناسبة؛ للحماية من أشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية.
  • استعمال واقي الشمس لحماية الجلد عند التعرض إلى أشعة الشمس.
  • تركيب منظار صغير على النظارات الطبية؛ بهدف رؤية الأغراض البعيدة بصورة أوضح.

التأقلم والدعم النفسي

قد يتعرض المصابون باضطراب البرص منذ نعومة أظافرهم إلى الإساءة، أو فقدان الشعور بالثقة في النفس؛ نتيجة الأعراض التي يعانون منها، وشعورهم بالاختلاف عن باقي المحيطين بهم.

لذلك فإن المصاب باضطراب البرص من الضروري أن يحصل على:

  • الدعم المعنوي من العائلة والأصدقاء المحيطين به.
  • توفير الإمكانيات المناسبة؛ للحصول على تعليم مناسب، ومن ثم الوظيفة الملائمة.
  • تشجيعه على ممارسة الرياضة، وأن يهتم بذاته صحياً ونفسياً.
  • القيام بالأنشطة المختلفة التي يحبها سواء أكانت داخل أم خارج المنزل.
  • مساعدته في الوصول إلى الرضا النفسي، وفهم الطبيعة الإنسانية بصورة أفضل.

العلاجات الدوائية

تظل الدراسات الطبية تبحث عن كل الوسائل العلاجية لتسهيل حياة المصاب باضطراب البرص، بالرغم من عدم وجود علاج طبي نهائي للتخلص من هذا الاضطراب، لكن قاموا بدراسة تأثير أدوية مُعينة على زيادة إنتاج صبغة الميلانين، وتحسين عملية الرؤية.

تمت الموافقة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على النيتيسينون (بالإنجليزية: Nitisinone) من نتائج الدراسات الطبية، إذ وجدوا أنه قد يزيد من صبغة الميلانين في الشعر والجلد؛ نتيجة رفع مستويات التيروزين في بلازما الدم، لكن الأمر ما زال تحت التجربة. [6]

هل يُمكن الوقاية من اضطراب البرص

لا يرتبط اضطراب البرص بعادات صحية خاطئة، أو أسباب نستطيع تجنُبها، إذ إنه حالة وراثية جينية وليس مجرد حالة مرضية مؤقتة، لذلك لا يُمكن الوقاية من اضطراب البرص.

قد تلجأ بعض الأمهات إلى اختبارات جينية في الأسبوع السادس عشر من الحمل؛ لتحديد ما إذا كان الجنين مصاباً بالبرص أم لا، لكن في جميع الأحوال ومهما كانت النتيجة يجب على كل الأمهات إدراك أن المصاب باضطراب البرص يستطيع أن يعيش طبيعياً. [7]

قد ينظر بعضكم إلى طفرة البرص على أنها وصمة عار، لكن في الحقيقة ما هي إلا حالة جينية موروثة، تتطلب منا التقبل والدعم، وقد يكون التعامل مع هذا الاضطراب الجيني ليس سهلاً، لكن أصبح ممكناً بفضل التطور التكنولوجي المُحيط بنا الذي ساهم في أن يحصل المصاب على حياة طبيعية.

  1. أ ب "مقال ما هو المهق؟" ، المنشور على موقع albinism.org
  2. أ ب "مقال كل ما تريد أن تعرفه عن المهق" ، المنشور على موقع medicalnewstoday.com
  3. أ ب ت "مقال المهق" ، المنشور على موقع mayoclinic.org
  4. أ ب "مقال المهق" ، المنشور على موقع webmd.com
  5. أ ب "مقال المهق" ، المنشور على mayoclinic.org
  6. "مقال دواء المهق" ، المنشور على موقع medscape.com
  7. "مقال المهق" ، المنشور على موقع patient.info